للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِيهِ الإِثْمُ وَالكَفَّارَةُ، وَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى العَاقِلَة.

وَهُوَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ عَمْدٌ، وفي الخَطَأ، فِعْلًا أَوْ قَصْدًا، كَرَمْيِهِ غَرَضًا فَأَصَابَ آدَمِيًّا، أَوْ رَمْيِهِ مُسْلِمَاً ظَنَّهُ صَيْدًا، أوْ حَرْبِيًّا،

===

الخطأ، ومن قُتِلَ عمداً فهو قَوَدٌ، ومن حال دونه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ (١) ولا عَدْلٌ (٢) ». ووجه الدلالة: أنه لم يفصل في العصا والحجر بين الكبير والصغير. وفي «النهاية»: العِمِّيَّا بالكسر، والتشديد والقصر: فِعِّيلَى من العمى، ومَنْ قُتِلَ في عِمِّيَّاً أي وُجِدَ قتيلاً وعُمِيَ أمره ولم يتبيّن قاتله. والرِمِّيَّا كذلك مصدر من الرمي بمعنى المراماة يُرَاد به المبالغة.

وأخرج ابن أبي شَيْبَةَ مثل قوله عن عليّ، والشَّعْبِي، والحكم (٣) ، وحمّاد، وإبراهيم النَّخَعِيّ. وأُجِيبَ عن حديث اليهوديّ بأنه يحتمل أنه كان قاطع طريق، وقاطع الطريق إذا قتل بأي شيء كان، يُقْتَل به حدّاً، أو أنه عومل معاملته لكونه ساعياً في الأرض بالفساد.

(وَفِيهِ) أي في شبه العمد (الإِثْمُ) لأنه ارتكب فعلاً محرّماً وهو الضرب قصداً (وَالكَفَّارَةُ) لشبهه بالخطأ بالنظر إلى الآلة (وَدِيَةٌ) لأنه خطأ من وجهٍ فسقط القَوَد، ووجبت الدِّيَة وهي (مُغَلَّظَةٌ) لِمَا سيأتي (عَلَى العَاقِلَة) (٤) لأنها وجبت بالقتل ابتداءً فكانت على العاقلة كالخطأ، وتجب في ثلاث سنين لما أخرجه ابن أبي شَيْبَة وعبد الرَّزَّاق في «مصنفيهما» بأسانيد مختلفة، عن عمر بن الخطاب: أنه جعل الدية كاملة في ثلاث سنين.

(وَهُوَ) أي شبه العمد (فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) من الأعضاء (عَمْدٌ) أي كعمد، لأن إتلاف ما دون النفس لا يختص بآلة دون آلة بخلاف النفس، فكان المعتبر فيما دون النفس تعمّد الضرب.

(وفي الخَطَأ) هذا خبرٌ مقدّمٌ (فِعْلاً) أي حال كونه فعلاً (أَوْ) حال كونه (قَصْداً كرَمْيِهِ غَرَضاً) وهو الهدف الذي يُرْمَى إليه (فَأَصَابَ آدَمِيّاً) هذا مثال للخطأ في الفعل، لأن فعله لم يقع في المحل الذي قصده (أَوْ رَمْيِهِ مُسْلِمَاً ظَنَّهُ صَيْداً أوْ) ظَنَّه (حَرْبِيّاً) هذا مثال للخطأ في القصد، لأنه أصاب المحل الذي قصده، وإنما أخطأ في


(١) سبق شرحها ص ٢٧٠، التعليقة رقم: (٤).
(٢) سبق شرحها ص ٢٧٠، التعليقة رقم: (٥).
(٣) في المطبوع: الحاكم، والمثبت من المخطوط.
(٤) العَاقِلَة: هي العَصَبة والأقارب من قِبَل الأب الذين يُعْطُون دِية قتيل الخطأ. النهاية ٣/ ٢٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>