للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نُقْصَانُ الصِّبَى والأُنوثةِ، وَالرِّقِّ، وَالجُنُونِ، وَالعَمَى، وَالزَّمَانَةِ، وَكُفْرِ الذِّمِيّ، وَالأَطْرَافِ، هَدْرٌ في القَوَدِ.

===

للدّم عن الهدر على خلاف الأصل، فيبقى في حقّ الكفّارة وحرمان الإرث على الأصل. نعم، يأثم بالحفر في ملك غيره على ما قالوا، ولا يأثم بالموت، والكفّارة لذنب القتل. ولنا أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: «خمسٌ ليس لهنّ كفارة: الشرك بالله، وقتل النفس بغير حقّ، وبَهْت مؤمنٍ، والفرار من الزَّحف، ويمين فاجرة فيقطع بها مالاً بغير حقّ». رواه أحمد بسندٍ جيدٍ.

(نُقَصَانُ الصِّبَى) بكسر ففتح (١) والإضافة بيانية أي ونُقْصَان هو الصِّبَى بأن كان القاتل بالغاً والمقتول دون البلوغ، (و) نقْصَان (الأُنوثة) بأن كان القاتل رَجُلاً، والمقتول أنثى، (وَ) نُقْصان (الرِّقِّ) بأن كان القاتل حرّاً والمقتول رقيقاً، (وَ) نُقْصان (الجُنُونِ) بأن كان القاتل عاقلاً والمقتول مجنوناً (وَ) نُقْصان (العَمَى) بأن كان القاتل بصيراً والمقتول أعمى، (وَ) نُقْصان (الزَّمَانَةِ) بأن كان القاتل صحيحاً والمقتول زَمِناً (وَ) نُقْصان (كُفْرِ الذِّمِيّ) بأن كان القاتل مسلماً والمقتول ذميّاً، (وَ) نُقْصان (الأَطْرَافِ) بأن كان القاتل كامل الأطراف والمقتول ناقصاً.

(هَدَرٌ) بفتح الدَّال ويسكَّن، أي ساقطٌ غير معتبرٍ (في القَوَدِ) حتّى كان الكامل في جهة من هذه الجهات يُقْتَل بالناقص فيها لعموم قوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً} (٢) … الآية. ولوجود المساواة في العصمة، وهي المعتبرة في هذا الباب، إذ لو اعتبرت المساواة فيما وراءها لانسدّ باب القصاص.

وعن عطاء، والحسن البصري: إذا قَتَل الرجلُ المرأة، فولِيُّها إن شاء أخذ ديتها ستة آلاف درهمٍ، وإن شاء دفع إلى وليّ القاتل ستة آلاف وقتله. قيّد بالذميّ، لأن نُقْصان كفر المُسْتَأْمَن ليس بهَدْر، ولأنه غير مَحْقُون الدّم على التأبيد، لأنه على قصد الرُّجوع إلى دار الحرب فلا يُقْتَل مسلمٌ بمُسْتَأمَنٍ لعدم المساواة في أصل العصمة، ويُقْتَل المُسْتَأْمَن بالمستأمَن قياساً، وبه قال مالك والشّافعيّ وأحمد، لأنهما حقنا دمهما بالأمان، فصارا متكافئين. ولا يقتل استحساناً لقيام المبيح، وهو الكفر الباعث على الحربية.

وقال مالك والشافعي وأحمد: لا يقتل الحرّ بالعبد بل يضمن قيمته لقوله تعالى: {الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ} (٣) قابَلَ الجنس بالجنس، ومن ضرورة ذلك أن لا يقتل


(١) أَي بكسر الصاد وفتح الباء: الصِّبَى.
(٢) سورة الإسراء، الآية. (٣٣).
(٣) سورة البقرة، الآية: (٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>