للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَيْتٌ بِهِ جُرْحٌ أو أَثَرُ ضَرْبٍ، أوْ خَنْقٍ، أوْ خُرُوجُ دَمٍ مِنْ أُذُنِهِ أو عَيْنِهِ.

وُجِدَ في مَحَلَّةٍ، أَوْ أَكْثَرُه، أَوْ نِصْفُهُ، مَعَ رَأْسِهِ لَا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ، وادَّعَى وَلَيُّهُ القَتْلَ

===

قال الشافعي: وقال غير سفيان: عن عاصم الأحول، عن الشعبيّ: فقال عمر: حقنتم دماءكم بأيمانكم ولا يُطَلُّ (١) دم امراءٍ مسلم. إلاّ أنه قال البيهقي عن الشافعي أنه قال: سافرت إلى خَيْوَان ووادعة أربعة عشرة سفْرة، وسألتهم عن حكم عمر في القتيل، وحكيت ما رُوِيَ عنه فيه، فقالوا: هذا شيءٌ ما كان ببلدنا قطُّ. وهذا كما ترى لا يقدح في صحة الرواية، إذ المتصدّي بضبط الحوادث وأحكامها أئمةُ الدين من أهل الدِّراية.

(مَيْتٌ) هذا مبتدأ (بِهِ جُرْحٌ)، صفة أولى له (أو أَثَرُ ضَرْبٍ، أوْ) أثر (خَنْقٍ، أوْ) به (خُرُوجُ دَمٍ مِنْ أُذُنِهِ أو عَيْنِهِ) قيّد الميت بذلك، لأن الخالي منه لا قَسَامة فيه عندنا، ولا دية، وهو قول أحمد في روايةٍ وحمّاد والثوريّ. وقال مالك والشافعيّ وأحمد: ليس الأثر بشرط بل الشرط اللَّوَث (٢) ، وهو: ما يُوقِع في القلب صِدْق المدَّعي من أثر دمٍ على ثيابه، أو عداوة ظاهرة، أو شهادة عدلٍ، أو جماعة (غير) (٣) عدول، أن أهل المحلّة قتلوه، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يسأل الأنصار هل كان بقتيلهم أثر (أو لا) (٤) ؟ ولأن القتل يحصل بما لا أثر له، كعصر الخُصْيَتَيْن وضرب الفؤاد، فأشبه من به أثر.

ولنا: أن القَسَامة في الدِّية لتعظيم الدّم، وصيانته عن الهَدر، وذلك في القتل دون الموت حَتْف الأنف، والقتل يُعْرَف بالأثر. وقد تقدّم في «مسند البزَّار»: أنّ الأنصار قالوا: إن صاحبنا يتشحّط في دمه.

(وُجِدَ في مَحَلَّةٍ) صفةٌ ثانيةٌ لميت (أَوْ) وُجِدَ (أَكْثَرُه أَوْ) وُجِدَ (نِصْفُهُ مَعَ رَأْسِهِ) وقوله: (لَا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ) صفةٌ ثالثةٌ لميت. أمّا لو وُجِدَ نصفه مشقوقاً بالطول، أو وُجِدَ أقل من النصف ومعه الرأس، أو يده، أو رأسه لا شيء عليهم، لأن هذا الحكم عرفناه بالنص، وقد ورد في البدن كلّه، إلاّ إِنّ الأكثر له حكم الكلّ بخلاف الأقلّ. ولأنا لو اعتبرنا الأقل لاجتمع دِيات وقَسَامات في شخصٍ واحدٍ أن وُجِدَ أطرافه في قرىً متفرقةٍ، وذلك غير مشروعٍ فينتفي ما يؤدي إليه. (وادَّعَى وَلَيُّهُ القَتْلَ) العمد أو


(١) سبق شرحها ص ٣٦٤، التعليقة رقم: (١).
(٢) اللَّوَث: البَيِّنة الضعيفة. المصباح المنير ص ٢١٤، مادة: (لوث).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>