للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجَبْهَةِ والأَنْفِ، وبهِ يُفْتَى

===

بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ للنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} (١) . والظاهر: أن السجود الثاني فرض عملي، لأنه لم يثبت بدليل قطعي، وقيل: تَثْبُت فرضيته بالإجماع، حتى تفسد الصلاة بترك واحدة منهما.

ثم تَكْرَارُ السجود دون الركوع أمر تعبدي. وقيل: الأُولى لامتثال أمر المولى، والثانية لرغم إبليس حيث لم يسجد استكباراً. وقيل: الأُولى للأمر، والثانية للشكر. وقيل: الأُولى للإيمان، والثانية لبقاء الإيمان. وقيل: الأُولى إشارة إلى خلق الإنسان ابتداء، والثانية لبقاء الأمان. وقيل: الأُولى إشارة إلى خلق الإنسان ابتداء، والثانية إيماء إلى حالته انتهاءً. كما يشير إليه قوله تعالى: {منها خَلَقنَاكُمْ وفِيهَا نُعِيدُكُمْ ومِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} (٢) .

وإنَّما يكونُ السجود (بالجَبْهَةِ والأَنْفِ) أيْ مَعاً خلافاً لبعضهم (وبِهِ) أيْ بالجمع بينهما (يُفْتَى) فلو سجد على الجبهة وحدها، أو على الأنف وحده من غير عذر، لا يكون آتياً بالفرض. وهو قول أبي يوسف، ومحمد، ورواية أسد عن أبي حنيفة. والمشهور عنه (٣) : إنْ اقتصر على أحدهما جاز، كما في «الهداية». وقيل: الاقتصار على الجبهة من غير عذر جائز بالاتفاق، كما في شَرْحَي «المجْمَع» و «الكنز».

ولا يُقَامُ السجود على الذقن، والخد مُقَام السجود على الجبهة والأنف. وأما وضع القدم على الأرض في الصلاة حالة السجدة ففرض، كما في «الخلاصة». ولو وضع أحدهما دون الآخر تجوز صلاته، كما لو قام على قدم واحد، كما في «التجريد». وقيل: ووضع القدم بوضع أصابعه، وإنْ وضع أصبعاً واحدة. وقيل: وَضْعُ القدم ليس بفرض، بل هو سنّة. ويُفْتَرض وضع اليدين والركبتين في السجود على الصحيح لقوله عليه الصلاة والسلام: «أُمِرْتُ أنْ أسْجُدَ على سبعة أَعْظُمٍ: الجبهة، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين». متّفق عليه.

وقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا سَجد، سجد معه سبعة آراب (٤) : وجهه، وكفّاه، وركبتاه، وقدماه» رواه أصحاب «السنن الأربعة»، ورواه البَزَّار في «مسنده»


(١) سورة النحل، الآية: (٤٤).
(٢) سورة طه، الآية: (٥٥).
(٣) أي: عن أبى حنيفة.
(٤) آراب: أي أعضاء. النهاية: ١/ ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>