للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ضَامًّا أصَابِعَهُ، ثُمٌ يَضَعُ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفيهِ، مُبْدِيًا ضَبْعَيْهِ، مُجَافِيًا بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ،

===

يَبْرُك كما يَبْرُك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه». رواه أبو داود، والنَّسائي. قال أبو سُلَيْمَان الخَطَّابي: حديث وائل أثبت من هذا، وقيل إنَّه منسوخ.

(ضَامَّاً أصَابِعَهُ) ليصير متوجّهاً إلى القبلة، كذا ذكره الشارح. وفيه أنه لا تَلازُم بين الضم والتوجه.

(ثُمَّ يَضَعُ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ) لِمَا روى مسلم من حديث وائل: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمَّا سجد وضع وجهه بين كفيه». لكنه يُعَارِض ما في البخاري من حديث أبي حُمَيْد: «أنه صلى الله عليه وسلم لَمَّا سجد وضع كفّيه حَذْو منكبيه». وفي معناه: في أبي داود والترمذي. ويُقَدَّم عليه حديث مسلم، لأن فُلَيْح بن سليمان الواقع في مسند البخاري وإنْ تَرَجَّحَ تثبيته، لكن قد تُكلِّمَ فيه: فَضَعَّفَه ابن مَعِين، وأبو داود، والنَّسائي وغيرهم. ولِمَا في «مسند إسحاق بن رَاهُوَيه»، قال: أخبرنا الثوريّ، عن عاصم بن كُلَيْب، عن أبيه، عن وائل بن حُجْر قال: «رَمَقْت النبيّ صلى الله عليه وسلم فلما سجد وضع يديه حَذْوَ أذنيه». ولِمَا في الطحاويّ عن حَفْص بن غِيَاث، عن الحَجَّاج، عن أبي إسحاق قال: «سألت البَرَاء بن عازب أين كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يضع جبهته (إذا صلّى؟) (١) قال: بين كفيه».

قال بعض المحققين: ولو قال قائل: إنَّ السنة أن يفعل أيهما تيسَّر جمعاً للمرويات، بناء على أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا أحياناً، إلا أن بين الكفين أولى، لأن فيه من تخليص المجافاة المسنونة ما ليس في الآخر، لكان حسناً.

(مُبْدِياً) بالياء أي مُظْهِراً (ضَبْعَيْهِ) بفتح وسكون أي وسط عَضُده (٢) لقول مَيْمُونَة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى، حتى يَرَى مَنْ خلفه وَضَحَ إبطيه»، أي بياضهما. وفي رواية «الصحيحين»: «فرَّج بين يديه حتى يَبْدُو بياضُ إبطيه». ولما في «الصحيحين» من حديث عبد الله بن مالك بن بُحَيْنَة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُجَنِّحُ في سجوده حتى يرى وَضَح إبطيه». وقوله يُجَنِّحُ بجيم مفتوحة ونون مكسورة مشددة من الجَناح بالفتح أي: يُجَافي أو يُبَاعد بين جنبيه كما يشير إليه. قوله: (مُجَافِياً) أي مُبَاعِداً (بَطْنَهُ عَنْ فَخْذَيْهِ) لقول مَيْمُونة: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جَافَى حتى لو شاءت بهيمة أن تَمُرّ بين يديه لمَرَّت». رواه مسلم.


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب لموافقته لما في شرح معاني الآثار: ١/ ٢٥٧.
(٢) العَضُدُ: السَّاعد وهو من المِرْفَق إِلى الكتِف. مختار الصحاح ص: ١٨٤، مادة (عضد).

<<  <  ج: ص:  >  >>