ولما روى عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» عن سفيان الثوريّ، عن آدم بن عليّ البكْرِي قال:«رآني عمر وأنا أصلّي، لا أتجافى عن الأرض بذراعي فقال: يا ابن أخي، لا تَنْبَسِطْ بَسْطَ السَّبُعِ وادَّعِم على راحتَيْك، وأبْدِ ضَبْعَيك
». ورواه ابن حِبَّان والحاكم وصححاه مرفوعاً:«لا تنبسط بَسْطَ السَّبُع وادَّعِم على راحتيك». ولقوله صلى الله عليه وسلم «اعتدلوا في السجود، لا يَبْسُط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب». متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم «لا تَنْبَسِط بسط السَّبُع، وادَّعِم على رَاحَتَيْكَ وأبْدِ ضَبْعَيك، فإنك إذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك». رواه ابن حِبّان والحاكم وصححاه.
وأما قول صاحب «الهداية»: لقوله صلى الله عليه وسلم «أبْدِ ضَبْعَيكَ»، فلم يُعْرَف مرفوعاً. نعم ثَبَتَ أنه صلى الله عليه وسلم «كان إذا صلّى فَرَّج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه». حديث متفق عليه. وقوله ادَّعِم بتشديد الدال المهملة، وكسر العين المهملة أي: اتّكاء.
(مُوَجِّهاً أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ نَحْوَ القِبْلَةِ) لما روى البخاري من حديث أبي حُمَيْد السَّاعِدِيّ قال: «كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته إذا كبَّر جعل يديه حِذَاء منكبيه، وإذا ركع أمْكَنَ يديه من ركبتيه، ثم هَصَر ظهره ـ أي أماله ـ فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فَقَارٍ مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا ناصب، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة». وأما قول صاحب «الهداية» لقوله صلى الله عليه وسلم «إذا سجد المؤمن، سجد كل عضو منه، فليوجه من أعضائه القبلة ما استطاع»، فليس بمعروف.
(ويُسَبِّحُ ثَلَاثَاً) ولو زاد على الثلاثة، وختم بفرد لكان أحب، إلا أن الإمام لا يزيد بحيث يَمَلُّ القوم.
(ويَجُوزُ) السُّجُودُ (عَلَى كُلِّ شَيْءٍ) أي من الجمادات والنباتات، دون الحيوانات إلا للضرورة. (يَجِدُ) المصلّي (حَجْمَهُ وتَسْتَقِرُّ جَبْهَتُهُ عَلَيْهِ) عطف تفسيري: وهو أنْ يكون بحيث لو بالغ في تسفيل رأسه لم ينزل. فلو سجد على الأَرُزِّ والذرة والجاوَرْس (١) لا يجوز، لأن الجبهة لا تستقر عليه. ولو سجد على الحِنْطَة أو الشعير جاز، لأن الجبهة تستقر عليه، كذا في «المحيط».
وسُئِلَ الفقيه عبد الكريم الجُرْجَانيّ عن من وضع جبهته على الكف للسجدة
(١) الجَاوَرْس: حَبّ يشبه الذُّرَة وهو أصغر منها. المصباح المنير ص: ٣٧، مادة (جرس).