للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فقال: لا يجوز. وقال غيره من أصحابنا: يجوز، وهو الأصح، كذا في «الظهيرية». ولا بد أنْ تكون الكف موضوعة على الأرض، وإلا فلا يجوز اتفاقاً. والأصح: أنه إذا سجد على فخذيه أو ركبتيه بعذر جاز، كذا في «شرح المُنْيَة». ولو سجد على كُمَّيْه أو ذيله أو كَور عِمامته يُكْرَه. وفي مذهب الشافعي: لا يصح، لقوله صلى الله عليه وسلم «مَكِّنْ جبهتك من الأرض حتى تجد حجمها». وهذا مانع منه. وثوبه تابع له، فلا يصح السجود عليه.

وفي «الحِلْيَة» عن ابنِ عباس: «أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كَوْر عمامته». ورواه الطَبَرانيّ في «معجمه الأوسط» عن ابن أبي أوفى قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على كَوْر العمامة». ورواه ابن عَدِيّ في «الكامل» عن أنس: «أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كور العمامة». وهكذا روى الحافظ أبو القاسم تَمَّامُ بن محمد الرَّازي في «فوائده» عن ابن عمر، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وفي «سنن البيهقي» عن هِشَام، عن الحَسَنِ قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويَسْجُد الرجل منهم على عِمَامَته». وذكر البخاري في «صحيحه» تعليقاً فقال: «وقال الحسن: كان القوم يسجدون على العِمَامة والقَلَنْسُوَة

، ويداه في كُمِّه».

وفي الثوب ما رواه ابن أبي شَيْبَة في «مُصَنَّفِهِ» عن ابن عباس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في ثوب واحد يَتَّقِي بفُضُولِه (١) حَرَّ الأرض وبردها». ورواه أحمد، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ في آخرين. وفي الكتب الستة عن أنس قال: «كنّا نُصَلِّي مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يُمَكِّنَ وجهه من الأرض، بَسَطَ ثوبه فسجد عليه». ولفظ البُخَاريّ: «كنا نُصَلِّي مع النبيّ صلى الله عليه وسلم يضع أحدنا طرف الثوب من شدَّة الحر في مكان السجود».

وهذا ظاهر في المَلْبُوس، وإرادة غيره خلافه، فلا يُصَار إليه، على أنّ الحائل (المنفصل) (٢) ليس بمانع منه اتفاقاً. ولم يَزِد (٣) ما نحن فيه إلا اتصاله به، ونمنع تأثيره في الفساد لو تجَرَّد عن الآثار، فكيف وفيه ما أوْرَدْنَاه وإنْ تُكُلِّمَ في بعضها، كفى ما بَقِيَ منها. وعلى فَرْض ضَعف كلها، كانت حسنة لتعدد طرقها وكثرتها. وقول الحسن: كان القوم … إلخ، يُقَوِّي ظنّ صحة المرفوعات، إذ ليس معنى الضعيف: الباطل في نفس الأمر، بل ما لم يثبت بالشروط المُعْتَبرة عند أهل الحديث، مع تجويز


(١) فضوله: أطرافه.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) في المخطوط والمطبوع: نرد. والتصويب من "فتح القدير" ١/ ٢٦٦. ونسخة بولاق ١/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>