ثُمَّ يَقْعُدُ كالأُولَى، وبَعْدَ التَّشَهُّد يُصَلِّي علَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
===
وسَبِّح في الأُخْرَيَيْن». ومثل هذا لا يُقَال بالرأي، فهو في حكم المرفوع. ثم التسبيح ليس بفرض إجماعاً، فإذا سكت جاز.
(ثُمَّ يَقْعُدُ كالأُولَى) مُفْتَرِشاً رجله اليُسْرَى وجالساً عليها، وناصباً رجله اليُمْنَى، ومُوَجِّهاً أصابعه نحو القِبْلَة، وواضعاً يديه على فَخِذَيه. وعند مالك التَّوَرُّك أفضل في القَعْدَتَيْن، ووافقه الشافعيّ في الأخيرة، لِمَا في الكتب الستة ـ سوى «صحيح مسلم» ـ من حديث أبي حُمَيْد السَّاعِدِيّ: «كنت أحْفَظَكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنْ قال: فإذا جلس في الرّكْعَتَينِ، جلس على رجله اليُسْرَى ونصب اليُمْنَى، وإذا جلس في الركعة الأخيرة، أخَّرَ رجله اليُسْرَى وقَعَدَ على شقّه متوركاً، ثم سلم». وفي لفظ البخاري:«وإذا جلس في الركعة الأخيرة قَدَّم رِجله اليُسْرَى ونصب الأخرى وقعد على مَقْعَدَتِهِ».
(وبَعْدَ التَّشَهُّد) الأخير (يُصَلِّيَ علَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
وهي سُنَّةٌ عندنا ويُسِيءُ تاركها، وليست بواجبة، وعليه الجمهور خلافاً للشافعي، لأنَّ كل من رَوَى التَّشَهُّد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يذكرها فيه. وقد قال ابن مسعود وجابر وابن عباس:«يُعَلِّمُنا التَّشَهُّد، كما يُعَلِّمُنا السورة». كذا ذكره الشارح. وقد ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صَلَّى أحدكم فليبدأ بتمجيد (١) الله والثناء عليه، ثم ليُصلِّ على النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم ليَدْعُ بعدُ ما شاء». رواه أبو داود، والترمذي وقال: حديث صحيح.
وفي رواية البَّيْهَقِي والحاكم:«إذا تَشَهَّد أحدكم في الصلاة فَلْيَقُلْ: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد. وبارك على محمد وعلى آل محمد، وارحم محمداً وآل محمد، كما صلّيت وباركت وتَرَحَّمْتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد».
وسُئِلَ محمد بن الحسن عن كيفية الصلاة فقال:«اللهم صلّ على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. إنك حميد مجيد». وهذا أصح ألفاظ الصلاة، وقد أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال الكَرْخِيّ: والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة واجبة مرة في العمر على
(١) في المخطوط: تحميد وهو موافق لما في رواية الترمذي ٥/ ٤٨٢ - ٤٨٣، كتاب الدعوات (٤٥)، باب (٦٤)، رقم (٣٤٧٧). والمثبت من المطبوع وهو موافق لما في رواية أبي داود ٢/ ١٦٢، كتاب الوتر، (٨)، باب الدعاء (٢٣)، رقم (١٤٨١).