للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَدْلُ الثَّوْبِ وكَفُّهُ،

===

يجمع شعره، فيعقده في مؤخر رأسه. وإنما كُرِه لِمَا روى مسلم عن كُرَيْب مولى ابن عباس: «أنَّ ابن عباس رأى عبد الله بن الحارث يُصَلِّي ورأسه مَعْقُوص من ورائه. قال: فجعل يحله، فلما انصرف، أقبل على ابن عباس وقال: ما لك ورأسي؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما مَثَلُ هذا مثل الذي يُصَلِّي وهو مكتوف». وفي «شرح مسلم»: قال العلماء: والحكمة في النهي عنه، أنَّ الشعر يسجد معه، ولهذا مثَّله بالذي يصلي وهو مكتوف. ولقول علي رَضِيَ الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تَعْقِص شعرك في الصلاة، فإنه كِفْل الشيطان» (١) . رواه عبد الرزاق. وعن أبي رافع قال: «نهى النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يُصَلِّيَ الرجل ورأسه معقوص»، رواه أحمد وابن ماجه. وفي الباب أحاديث في «الصحيحين» وغيرهما.

(و) كُرِه (سَدْلُ الثَّوْبِ) وهو أنْ يُرْسِلَه من غير أن يضم جانبه. (و) كُرِهَ (كَفُّهُ) أي تشميره لِمَا روى أبو داود عن ابن عباس، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أُمِرتُ أنْ أسجد». وفي رواية: «أُمِر نبيكم أن يسجد على سبعة أعظم، ولا يَكُفُّ شعراً ولا ثوباً».

ومن المكروهات تغطية أنفه وفمه، لقول أبي هريرة: «أنه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السدل، وأن يغطي الرجل فَاه». رواه أبو داود، والحاكم وصححه. وأخرجه الترمذي مقتصراً على الفصل الأول. وأخرج ابن ماجه الفصل الثاني. وكان من عادة العرب التَّلَثُّم بالعمائم على الأفواه، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك في الصلاة، إلا أن يَعْرِضَ للمصلي تثاؤب فيغطي فمه عند ذلك، للحديث الذي جاء فيه.

ويُكْرَه الشروع فيها بحَضْرَة طعام يميل طبعه إليه، لقوله صلى الله عليه وسلم «لا صلاة بحَضْرَة الطعام، ولا وهو يدافعه الأَخْبَثَانِ». رواه مسلم. وأما ما في أبي داود: «ولا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره». فمحمول على تأخيرها عن وقتها لصريح قوله عليه الصلاة والسلام: «إذا وُضِعَ عَشاء أحدكم، وأُقِيمَت الصلاة، فابدؤا بالعَشاء ولا يَعْجَلْ حتى يَفْرُغ عنه». رواه الشيخان، وفي رواية: «إذا قُدِّمَ العَشَاء فابدؤا به قبل أنْ تُصلُّوا صلاة المغرب، ولا تَعْجَلُوا عن عشائكم».

وكذا تكره مع مدافعة الأَخْبَثَين لِمَا قدّمنا، ولقوله صلى الله عليه وسلم «لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يُصَلِّي وهو حَاقِن حتى يتخفف». رواه أبو داود. ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إذا أراد أحدكم الغائط، وأقيمت الصلاة فليبدأ به». رواه ابن ماجه،


(١) الكِفْل: الحَظُّ والنَّصيب. النهاية: ٤/ ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>