للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

من عزائم السجود، فيسجد بها خارج الصلاة لا في الصلاة لِما في البخاري عن ابن عباس قال: «ليست ص من عزائم السجود، فيسجد بها خارج الصلاة لا في الصلاة، وقد رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ـ أي لها ـ.

ولنا ما في البخاري عن العَوَّام بن حَوْشَب قال: «سألت مُجَاهِداً عن سجدة ص فقال: سألت ابن عباس من أين سجدت في ص؟ فقال: أوَمَا تقرأ {ومِنْ ذُرِّيَتِهِ دَاوُدَ وسُلَيْمَانَ} (١) {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه} (٢) فكان داود، ممن أمر نبيُكم أن يُقْتَدَى به، فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما ما في أبي داود من حديث الخُدْرِي قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ {ص}، فلما مرَّ بالسجود نزل فسجد وسجدنا معه. وقرأها مرة أخرى فلما بلغ السجدة تَشَزَّنَّا للسجود ـ أي تهيّأنا ـ فلما رآنا قال: إنما هي (توبة نبي) (٣) ولكني رأيتكم تَشَزَّنْتُم ـ أراكم قد اسْتَعْدَدْتُم للسجود ـ فنزل وسجد وسجدنا معه». فالجواب عنه أنَّ غاية ما فيه بيان السبب في حق داود، والسبب في حقّنا. وكونه للشكر لا ينافي الوجوب. فكل الفرائض والواجبات إنما وجبت شكراً لتوالي النِّعَم.

وقد أخرج الإمام أحمد عن بكر بن عبد الله المُزَنِي، عن أبي سعيد الخُدْرِي قال: «رأيت رؤيا، وإنا (٤) أكتب سورة {ص}، فلمَّا بلغت السجدة رأيت الدَّواة، والقلم، وكل شيءٍ يحضُرني ساجداً. قال: فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد لها». فأفاد هذا أن الأمر صار إلى المواظبة عليها كغيرها من غير ترك، واستقر عليه بعد أن كان لا يَعْزِم عليها. فظهر أنَّ ما رواه إن تمت دلالته كان قبل هذه القصة. وفي حديث الترمذي عن ابن عباس قال: «جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رأيتني في الليلة البارحة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسَجَدتُ، (فسجدتْ) (٥) الشجرة بسجودي فسمعتها تقول: اللهم اكتب لي بها عندك أجراً، وضع عني بها وزراً، واجعلها لي عندك ذُخْراً، وتقبَّلها مني كما تقبَّلتها من عبدك داود. قال ابن عباس: فقرأ النبيّ صلى الله عليه وسلم سجدة، ثم سجد فسمعته وهو يقول مثلما أخبر الرجل عن


(١) سورة الأنعام، الآية: (٨٤).
(٢) سورة الأنعام، الآية: (٩٠).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط، والصواب إثباته لموافقته لرواية أبي داود في سننه ٢/ ١٢٤، كتاب الصلاة (٢)، باب السجود في "ص" (٥)، رقم (١٤١٠).
(٤) في المخطوط والمطبوع: وإنما، وما أثبتناه من "مسند الإمام أحمد" ٣/ ٨٤.
(٥) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>