سجدة الصلاة. وعن ابن عباس:«أنه صلى الله عليه وسلم سجد بالنَّجْمِ ومعه المسلمون والمشركون والجن والإنس». رواه البخاري. وعن أبي سعيد الخُدْرِي:«قرأ صلى الله عليه وسلم وهو على المِنْبَر {ص} فلما بلغ السجدة نزل فسجد، وسجد معه الناس». رواه أبو داود.
(أوْ سَمِعَهَا) سواء قصد السماع أو لَمْ يقصد، لِمَا روى ابن أبي شَيْبَة في «مصنفه» عن ابن عمر أنه قال: «السجدة على من سمعها». ولا بد في السامع أن يكون أهلاً لوجوب الصلاة، لأنها تجب على الجُنُبِ إذا سمع دون الحائض والنفساء. وفي «المحيط»: ولو سمعها من كافر أو صبي عاقل أو حائض أو نفساء أو جنب أو محدث وجبت. ولو سمعها من مجنون أو نائم لا يجب، لأنّ التلاوة صدرت عن غير معرفة وتمييز. ولو قرأها سكران وجبت عليه، وعلى من سمعها منه، لأن عقله اعْتُبِرَ قائماً زجراً له.
وشرط مالك ذكورة التالي، وتكليفه بسجود السامع لقوله عليه الصلاة والسلام لتال عنده لم يسجد:«كنت إمامنا، لو سجدت لسجدنا معك»(١) . ولذا ينبغي أن لا يرفع السامعون رؤوسهم قبل رفع التالي إذا سجدوا معه. والمرأة وغير المكلف لا يصلح إماماً. قلنا: المراد منه كنت حقيقاً أن تسجد قبلنا، لا حقيقة الإمامة. ألا ترى أنَّ المتوضاء يسجد لتلاوة المُحدِث مع أنه لا يصلح إماماً له في الحال.
(وإذَا تَلَى الإِمَامُ) أي قرأ آية السجدة (فَمَنْ سَمِعَهَا ثُمَّ اقْتَدَى بِهِ في رَكْعَةٍ) أخرى بعد الركعة التي سمعها فيها (سَجَدَ بَعْدَ الصَّلاةِ) أي لا فيها، لأنه سمعها قبل الاقتداء فلا تكون صلاتية في حقه، ولم يدرك ركعتها ليكون كأنه أداها. فيأتي بها بعد الصلاة. وقال العَتَّابِي: لا يسجد بعد الصلاة أيضاً لأنها صلاتية، فلا تؤدى خارجها. والأصح أنه يسجد بعدها.
(كَمُصَلَ) أي كما يسجد بعد الصلاة مصل (سَمِعَ) آية السجدة (مِمَّنْ لَيْسَ مَعَهُ) في تلك الصلاة، سواء كان مصلياً أو غير مصلّ لوجود السماع. وعدم كونها صلاتية، لأن سماع قراءة غير الإمام ليس من أفعال الصلاة. ثم لو سجد في الصلاة لم تجزئه تلك السجدة فيعيدها، لأن فعلها في الصلاة وقع ناقصاً لكونه في غير محله،
(١) ورد الحديث في مراسيل أبي داود (ص ١١٢)، بلفظ: "أنت قرأتها، ولو سجدت سجدنا".