للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أتَمّ.

ثم سجدة التلاوة تتأتى بالسجدة الصلبية لأنها توافقها من كل وجه. وينوي بها في ركوعه أو بعدما استوى قائماً أنْ يسجد لصلاته وتلاوته جميعاً، ولو لم ينو به لا تجزئه، نص عليه في «النوادر». وقيل: تجزئه بدون النية. وروى الحسن عن أبي حنيفة: أن السجود الذي عَقِيب الرُّكُوع ينوب عن سجدة التلاوة دون الركوع، لأن المجانسة بينهما أظهر. وقيل: الركوع ينوب عنها لأنه أقرب إلى موضع التلاوة. وفي «الظَّهِيريَّة»: لو تلا آية السجدة وركع لصلاته على الفور، وسجد، سقطت سجدة التلاوة نوى السجدة أو لم ينوها، وكذا إذا قرأ بعدها آيتين أو ثلاث آيات. وأجمعوا على أنَّ سجدة التلاوة تتأدّى بسجدة الصلاة، وإن لم ينوِ للتلاوة.

واختلفوا في الركوع: فقال شيخ الإسلام المعروف بخَواهِر زَادَه: لا بد للركوع من النية، حتى ينوب عن سجدة التلاوة. ونص عليه محمد. وإن قرأ بعد السجدة ثلاث آيات، وركع لسجدة التلاوة، ذكر شيخ الإسلام المذكور أنه ينقطع الفور. قال شمس الأئمة الحَلْوَاني: إنه لا ينقطع ما لم يقرأ أكثر من ثلاث آيات. وفي «النَّوادِر»: ولو قرأ الإمام السجدة فسجد، فظنَّ القوم أنه ركع: فبعضهم ركع، وبعضهم ركع وسجد سجدة، وبعضهم ركع وسجد سجدتين. فمن ركع ولم يسجد يرفض ركوعه ويسجد للتلاوة. ومن ركع وسجد تجزئه عن التلاوة، ومن ركع وسجد سجدتين فصلاته فاسدة، لأنه انفرد بركعة تامة.

قال في «المَبْسُوط»: فإن أراد أن يركع بالسجدة بعينها فالقياس أنَّ الركوع والسجود في ذلك سواء، وبالقياس نأخذ، وفي الاستحسان لا يجزئه إلاَّ السجدة. واختلفوا في موضع هذا القياس والاستحسان: فمن أصحابنا من قال: مراده إذا تلاها في غير الصلاة وركع، ففي القياس يجزئه.

لأن الركوع والسجود يتقاربان، قال الله تعالى: {وخَرَّ رَاكِعَاً وأَنَابَ} (١) ، أي ساجداً والمقصود منهما الخضوع فينوب أحدهما عن الآخر كما في الصلاة. وفي الاستحسان: الركوع خارج الصلاة ليس بقربة، فلا ينوب عمّا هو قربة بخلاف الركوع في الصلاة. والأظهر أن مراده من هذا القياس والاستحسان التلاوة في الصلاة إذا ركع عند موضع السجدة.

ففي الاستحسان: لا يجزئه لأن سجدة التلاوة نظير سجدة الصلاة، فكما أن


(١) سورة ص، الآية: (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>