للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

دونها فيتم إذا نوى إقامة نصف شهر ولو في المفازة. وإنما قيد البلدة أو القرية بكونها واحدة، لأن نية الإقامة في بلدتين أو قريتين أو بلدة وقرية لا تصح، فلا تصح نيّة الإقامة بمكة ومنى لفقد نيّة الإقامة كَمَلاً (١) إلاَّ إذا نوى قبل الدخول الإقامة في أحدهما ليلاً، وفي الآخر نهاراً، فحينئذٍ يصير مقيماً بالدخول فيما نوى الإقامة فيه ليلاً، لأن إقامة المرء مضافة إلى بيته.

وقال مالك والشافعي: إذ نوى المسافر إقامة أربعة أيام يتم. وقال أحمد: إذا نوى أكثر من إحدى وعشرين صلاة يتم. لِمَا رُوِيَ عن عثمان رَضِيَ الله عنه أنه قال: «من أقام أربعاً أتمّ». وعن سعيد بن المُسَيَّب: «من أجمع على إقامة أربع أتمّ».

ولنا قول ابن عباس، وابن عمر رَضِيَ الله عنهم: «إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمس عشرة ليلة فأكمل الصلاة بها، وإن كنت لا تدري متى تَظْعَن (٢) فاقصرها». رواه الطحاوي. وما روى محمد بن الحسن في كتاب «الآثار»: أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله: حدّثنا موسى بن مسلم، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر قال: «إذا كنت مسافراً فَوَطَّنْتَ نفسك على إقامة خمسة عشر يوماً فأتمم الصلاة، وإن كنت لا تدري فاقصر». وما روى محمد بن الحسن في «موطَّئه»: عن ابن عباس أنه قال: إذا نوى إقامة خمسة عشر يوماً أتَمَّ الصلاة»، وروى مثلَه عن سعيد بن جُبَيْر، وسعيد بن المُسَيَّب. وما روى ابن أبي شَيْبَة في «مصنفه» عن مُجَاهد: أن ابن عمر كان إذا جَمَعَ على إقامة خمسة عشر يوماً أتمَّ الصلاة. وقال الترمذي في كتابه (٣) : رُوِيَ عن ابن عمر أنه قال: «من أقام خمسة عشر يوماً أتم الصلاة». والأثر في مثله كالخبر، لأنه لا مدخل للرأي في المُقَدَّرات الشرعية.

ويَرُدُّ أثرَهما (٤) ما في الكتب الستّة عن أنس قال: «خرجنا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلّي ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة. قيل: كم أقمتم بمكة؟ قال: أقمنا بها عشراً». فإن قيل: يحتمل أنهم كانوا يَعْزِمُونَ على السفر كل يوم.

أُجيب بأن هذا الحديث في حجّة الوداع كما صَرَّحَ به المُنْذِري، فلا بد أنهم


(١) كَمَلًا: أي كاملًا. القاموس المحيط ص ١٣٦٢، مادة: (كمل).
(٢) ظعن: سار وارتحل. المعجم الوسيط ص: ٥٧٦، مادة (ظعن).
(٣) سنن الترمذي ٢/ ٤٣٢، كتاب الجمعة (٤)، باب ما جاء في كم تقصر الصلاة (٢٧٢)، رقم: (٥٤٨).
(٤) أي ما احتج به مالك والشافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>