للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَنْ طَالَ مُكْثُه بِلا نِيَّة، فَلَوْ أَتَمَّ وقَعَدَ الأوْلَى، تَمَّ فَرْضُه وأَسَاءَ، ومَا زَادَ نَفْلٌ. وإنْ لَمْ يَقْعُدْ بَطَلَ فَرْضُهُ.

===

ولهذا قالوا من دخل بلداً لقضاء حاجة، ونوى إقامة خمسة عشر يوماً، لا يصير مقيماً، لأنه إن قضى حاجته قبل ذلك خرج منها. فقد روى أبو داود ـ بإسناد قال النووي: إنه على شرط البخاري ومسلم ـ عن جابر: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين يوماً يَقْصُرُ الصلاة».

(كَمَنْ طَالَ مُكْثُه بِلَا نِيَّةٍ) أي كما يقصر من طال مُكْثَه في بلد أو قرية ولا نيّة له. لِمَا روى البيهقي في «المعرفة» ـ بسند قال النووي: إنه على شرط الشيخين ـ أن ابن عمر رَضِيَ الله عنهما قال: «ارْتَجَّ علينا الثلج ونحن بأذْرَبِيجَان ستة أشهر في غَزَاةٍ، فكنا نقصر». ارْتَجَّ بالمثناة والجيم من الارتجاج أي أَغْلَقَ. وفيه: «أنه كان مع غيره من الصحابة يفعلون ذلك». ورَوَى في «المعرفة» عن المِسْوَرِ بن مَخْرَمَة قال: «كنّا مع سعد بن أبي وقَّاص في قرية من قُرَى الشام أربعين ليلة، فكنّا نصلّي أربعاً، وكان يصلّي ركعتين». وعن أنس أيضاً: «أنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاموا برَامَهُرْمُزَ تسعة أشهر يَقْصُرُون الصلاة». قال النووي: رواه البيهقي بإسناد صحيح.

وعن أنس أيضاً: «أنه أقام بالشام مع عبد الملك شهرين يصلي صلاة مسافر». قال النووي: رواه البيهقي، بإسناد صحيح. وعن ابن عباس: «أقام النبيّ صلى الله عليه وسلم أربعين يوماً يصلّي ركعتين». رواه البيهقي. وإسناده ضعيف. وروى عبد الرَّزَّاق، عن الحسن قال: «كنّا مع عبد الرَّحْمن بن سَمُرَة ببعض بلاد فارس سنتين، فكان لا يجمع ولا يزيد على ركعتين. وروى أبو داود عن جابر قال: «أقام صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوماً يَقْصُرُ الصلاة».

ويُعتبر التَّبَعُ كالعبد والمرأة والجندي مسافراً ومقيماً بنية المَتْبُوع بشرط علم التابع في الأصح، حتى لو لم يعلم بنية إقامته إلاَّ بعد أيام فإن صلاته في تلك الأيام جائزة لتوقف الخطاب بالحكم على العلم به. ورُوِيَ عن بعض أصحابنا: أنه عليه الإعادة، إذ الحكم في التبع يثبت بشرط علم الأصل.

(فَلَوْ أَتَمَّ) المسافر (وقَعَدَ) القعْدَة (الأُوْلَى تَمَّ فَرْضُه وأَسَاءَ) لتأخيره السلام عن وقته، إن كان الإتمام قصداً لشبهة عدم قبول صدقة الله تعالى. (ومَا زَادَ نَفْلٌ) وصار كما لو صلى الفجر أربعاً وقَعَدَ على رأس الركعتين (وإنْ لَمْ يَقْعُدْ بَطَلَ فَرْضُهُ) لتركه القعْدة التي هي فرض. وهذا إذا لم ينوِ الإِقامة في القَوْمَةِ الثالثة، وأمَّا إذا نواها فإنه يصير مقيماً، وينقلب فرضه أربعاً. وترك المقيم القعْدَة الأولى لا يبطل فرضه، لأنها حينئذٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>