للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسَافِرٌ أَمَّهُ مُقِيمٌ في الوَقْتِ يُتِمُّ، وبَعْدَهُ لا يَؤُمُّهُ. وَلَوْ أَمًّهُ بَطَلَ اقْتِدَاؤُهُ، وفي عَكْسِهِ أَتَمَّ المُقِيمُ وقَصَرَ المُسَافِرُ، قَائِلًا نَدْبًا: أَتِمُّوا صَلاتكُمْ فَإِنِّي مُسَافِرٌ.

===

واجبة، وقيل: سنة.

(مُسَافِرٌ أَمَّهُ مُقِيمٌ في الوَقْتِ يُتِمُّ) لأن فرضه يصير أربعاً تَبَعاً لإمامه، حتى لا يضره عدم جلوس إمامه على رأس الأُولَيَيْنِ لالتزامه التبعية. لِمَا روى مالك في «الموطأ»: عن نافع، عن ابن عمر: «أنه كان يصلي وراء الإمام أربعاً، فإذا صلَّى بنفسه صلّى ركعتين».

(وبَعْدَهُ) أي بعد الوقت (لا يَؤُمُّهُ) أي لا يَؤُمُّ المقيم المسافر. (وَلَوْ أَمَّهُ بَطَلَ اقْتِدَاؤُهُ) لأنَّ فرض المسافر لا يتغير بعد الوقت لانفصال سببه ـ وهو الوقت ـ كما لا يتغير بعده بنيّة إقامته، فلا يصح اقتداؤه به، لأنه يؤدي إلى اقتداء المفترض بالمتنفل في حق القعْدة، إن اقتدى به في الشَّفْعِ الأَول، وفي حقِّ القراءة إن اقتدى به في الشَّفْعِ الثاني، إذ هي فيه نفل للمقيم.

(وفي عَكْسِهِ) وهو مقيم أمَّهُ مسافر (أَتَمَّ المُقِيمُ) سواء أَمَّه في وقتها أو فائتة، لأن القعْدَة الأولى فرض في حق المسافر غير فرض في حق المقيم، واقتداء غير المفترض بالمفترض جائز. وإذا سلَّم المسافر أتَمَّ المقيم منفرداً لأنه التزم الموافقة في الركعتين، فصار كالمسبوق في التزام بعض الصلاة مع الإمام وأداء باقيها منفرداً، فيقرأ. وقيل: لا يقرأ لأنه لاحق أدرك أول الصلاة.

(وقَصَرَ) الإمام (المُسَافِرُ) أي وجوباً (قَائِلاً نَدْباً) لدفع تَوَهُّم أنه سهى: (أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنِّي مُسَافِرٌ) لِمَا روى أبو داود، والترمذي وقال: حسن صحيح، عن عِمْرَانَ بن حُصَيْن قال: «غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت معه الفتح، فأقام بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلِّي إلاَّ ركعتين يقول: يا أهل مكة: صلُّوا أربعاً فإنّا سَفْرٌ». بفتح فسكون، جمع سافر ـ كصَحْبٍ وصاحب ـ أي مسافرون. ورواه أبو داود، والطَّيالِسِي ولفظه: «ما سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سفراً قط إلاَّ صلى ركعتين حتى يرجع. وشهدت معه حُنَيْناً والطائف، فكان يصلّي ركعتين، ثم حججت معه واعتمرت فصلّى ركعتين، ثم قال: يا أهل مكة: أَتمّوا صلاتكم فإنَّا قوم سَفْرٌ». وهكذا أَخْبَرنا عن أبي بكر، وعمر رَضِيَ الله عنهما وقال: «وقد حججت مع عثمان ـ رَضِي الله عنه ـ سبع سنين من إمارته، فكان لا يصلّي إلاَّ ركعتين، ثم صلى بمنىً أربعاً».

وخلاصة الكلام: أنه يستحب الإعلام بعد السلام للإتمام لاحتمال أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>