مقيد بيوم دون يوم. ودلَالَةِ الإِجماع، فإن من فاتته الجمعة يقضي الظهر إجماعاً. والجمعة لا تقضى والظهر غيرها، فيجب أن لا يلزمه شيء.
ولَمَّا أمر بالظهر علمنا أنه أصل عاد إليه الحكم، لأنه ينوي القضاء إذا أدَّى الظهر بعد انقضاء الوقت إجماعاً. فلو لم يكن أصل فرض الوقت في حقه الظهر، لَمَا نوى القضاء، ولأن الفرض في حق كل واحدٍ ما يتمكن من أدائه بنفسه، وأداؤه للتكليف يدور على الوُسْعِ والإمكان، فما قَرُبَ إلى الوُسْع فهو أحق أن يكون أصلاً، والظهر أقرب، لأنه يتمكن من أدائه بنفسه لأنه مبني على قدرة هي صفته، بخلاف الجمعة فإنها تتوقف على شرائط لا تتم به وحده وهي الإمام والجماعة وغيرهما، وذا ليس في وِسْعِه، وإنما يحصل له ذلك اتفاقاً. ولكن يجب إسقاط الظهر بالجمعة إذا اسْتَجْمَعَت شرائطها للأمر بالسعي إليها. وأبْهَمَ محمد تارة وقال: لا أدري ما أصل فرض الوقت في هذا اليوم، ولكنه يسقط الفرض عنه بأداء الظهر أو الجمعة، وعين الجمعة أحرى، ورَخَّصَ إسقاطها بالظهر.
(وكُرِهَ في المِصْرِ) أي دون القرية والمفازة، لأنهم ليس عليهم شهود الجمعة، فكان هذااليوم في حقّهم كسائر الأيام. كذا في «المبسوط». وهذا القدر لا يدل على أكثر من كراهة التنزيه (ظُهْرُ المَعْذُورِ وغَيْرِه) كمن فاتته الجمعة لمانع، (بِجَمَاعَةٍ) سواء صلَّوا قبل الجمعة، أو بعدها. لأن في ذلك تقليل جماعة الجمعة. والمعارضة (لا)(١) على وجه المخالفة، خلافاً لمالك والشافعي، حيث نظرا إلى كونهم مخاطبين بالظهر دونها، وكون الجماعة سنة في الفرائض، ومذهبنا مَرْوِي عن عليّ رَضِيَ الله عنه.
(و) كُرِهَ في المِصْر (ظُهْرُ غَيْرِ المَعْذُورِ قَبْلَ الجُمُعَةِ) والمراد بالكراهة هنا الحرمة، لأنه ترك الفرض القطعي باتفاقهم الذي هو أوكد من الظهر، فكيف لا يكون مرتكِباً محرماً؟ غير أن الظهر تقع صحيحة، وإن كان مأموراً بالإعراض عنها. وإنما لم يبطل ظهره عندنا لِمَا مرَّ من أنَّ فرض الوقت هو الظهر وقد أتى به، والجمعة بدل عنه، لتوقفها على شرائط لا تتم بالمصلي وحده. والتكليف يعتمد على الوُسْعِ. وحكَم مالك والشافعي وزُفَر ببطلانها بناء على تعيين الجمعة فرض الوقت عندهم، فلا يصح ظهره لأن الجمعة هي الأصل المأمور بها، ولا يصح غير الأصل مع القدرة عليه.