للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسَعْيُهُ إلى الجُمُعَةِ، والإِمَامُ فِيهَا يُبْطِلُهَا، ومُدْرِكُهَا في التَّشَهُّدِ، أوْ في سُجُودِ السَّهْوِ يُتِمُّهَا.

===

(وسَعْيُهُ) أي وسعيُ من صلّى الظهر (إلى الجُمُعَةِ) بخطوتين، أو بانفصاله عن داره ـ وهو الأصح ـ، سواء كان معذوراً أو غيره. وبعضهم اقتصروا على غير المعذور، (والإِمَامُ فِيهَا) أي في الجمعة وقت انفصاله عن مكانه ـ والجملة حالية ـ (يُبْطِلُهَا) أي يُبْطِلُ ظُهره عند أبي حنيفة وإن لم يدركها لبعد المسافة. وهو مختار مشايخ بَلْخ دون مشايخ العراق. والأول هو المعوَّل، فإن أدرك الجمعة وصلاَّها كانت فرضه وإلا أعاد الظهر.

وقَيَّدَ بقوله: والإمام فيها، لأنه لو كان خروج المصلِّي مع فراغ الإمام لا ينتقض ظهره اتفاقاً. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يبطل ظهره إلاَّ بالدخول مع الإمام، ففي رواية بإتمامها، لأن السعي إلى الجمعة دون الظهر، والشيء لا يبطل بما هو دونه. ولأبي حنيفة أن السعي إلى الجمعة من خصائصها فيأخذ حكمها.

وثمرة الخلاف تظهر فيمن سعى والإمام في الجمعة فحضر وقد فرغ الإمام، وفيمن سعى إلى الجمعة فخرج وقت الظُّهر قبل أن يدخل مع الإمام: فعند أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ يعيد الظهر، وعندهما لا يعيدها.

(ومُدْرِكُهَا) أي الجمعة (في التَّشَهُّدِ، أوْ في سُجُودِ السَّهْوِ يُتِمُّهَا) جُمُعَةً. وقال محمد، وهو قول مالك والشافعي: إن أدرك أكثر الثانية: بأن أدرك الركوع أتَمَّها جُمُعَةً، وإن لم يُدْرِكْ أكثرها أتمَّها ظهراً، لأنها جمعةٌ نظراً إلى التحريمة، ظُهْرٌ نظراً إلى فوات بعض شروط الجمعة. فيُصَلِّي أربعاً اعتباراً للظُّهر، ويقعد على رأس الركعتين اعتباراً للجمعة، ويقرأ السورة في الأُخْرَيَيْن لاحتمال النفلية بخلاف مُدْرِك العيد في التشهد، أو سجود السهو، فإنه يُتِمُّهَا عيداً بلا خلاف، إذ لا خَلَفَ له.

له: ما رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ من حديث أبي هريرة: «مَنْ أدرك الركوع من الركعة الأخيرة يوم الجمعة فليُضِف إليها أخرى، ومَنْ لم يدرك الركوعَ من الركعة الأخيرة فليصلِّ الظهر أربعاً». ولهما: ما في الكتب الستة من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا أُقِيمَتِ الصَّلاة فلا تأتوها تَسْعَوْن، وأتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأَتِمُّوا». وفي لفظ: «فاقضوا». وفيه: أن هذا مطلق، والحديث الأول مقيد.

ثم الجمعة لا تجب على مَنْ بَعُدَ عن المِصْر فَرْسخاً. وأوجبها مالك عليه، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>