للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَرُمَتِ الصَّلاةُ والكَلامُ، حَتّى يُتِمَّ خُطْبَتَهُ. وإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى المِنْبَر، أَذَّنَ ثَانِيًا بَيْنَ يَدَيْهِ

===

(وإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ) أي صعد المنبر (حَرُمَتِ الصَّلَاةُ) أي الشروع في النافلة، إذ لو تذكر الفائتة ـ وهو من أهل الترتيب ـ يجب عليه أن يقضيها، ولو شرع في التطوع ثم خرج الإمام سلم عن ركعتين، ولو شرع في السنة قبل الجمعة فشرع الخطيب في الخطبة، فالأصح أنه يُتِمُّ أربعاً.

(والكَلَامُ) أي كلام الناس (حَتَّى يُتِمَّ خُطْبَتَهُ) لقوله صلى الله عليه وسلم «لا تُصَلُّوا والإمام يخطب». رواه عبد الحق من حديث علي رَضِيَ الله عنه. ولقوله صلى الله عليه وسلم «إذا قلت لصاحبك: أنْصِت، يوم الجمعة، والإمام يخطب، فقد لَغَوْت». رواه مسلم وأبو داود (وابن ماجه) (١) . ولِمَا في «مصنف ابن أبي شَيْبَة»، عن عليّ، وابن عباس، وابن عمر: «أنهم كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الإمام». ولقول الزُّهْرِيّ: «إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام». ورفعه غريب من صاحب «الهداية»، بل قال البيهقي: رفعه خطأ فاحش.

وعن ابن عباس: «يُكْرَه الكلام في أربع مواطن: يوم الجمعة، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، وفي الاستسقاء، إذا صعد الإمام المنبر فلا يُتَكَلَّمُ حتى ينزل». وهذا عند أبي حنيفة، وقال أبو يوسف ومحمد: لا بأس بالكلام إذا خرج الإمام قبل أنْ يخطب، وإذا نزل قبل أن يصلِّي، لقول الزُّهْرِيّ: خروجه يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام. رواه مالك في «الموطأ». وروى في «الموطأ» أيضاً عن ثَعْلَبَة بن أبي مالك القُرَظِيِّ: «أنهم كانوا في زمن عمر يصلُّون يوم الجمعة حتى يخرج عمر، وإذا خرج وجلس على المِنْبَر، وأَذَّنَ المؤذِّن، جلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذِّن، وقام عمر، سكتوا فلم يتكلم أحد». واختلفا (٢) حالة جلوسه بين الخطبتين. فقال أبو يوسف: يُبَاحُ فيها الكلام، وخالفه محمد.

(وإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ عَلَى المِنْبَر أَذَّنَ ثَانِياً بَيْنَ يَدَيْهِ) لِمَا سبق من حديث السائب. ولِما رواه إسحاق بن رَاهُويه في «مسنده» بلفظ: «كان النداء ـ الذي ذكره الله في القرآن ـ يوم الجمعة إذا جلس الإمام على المنبر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط، وهى صحيحة لثبوت الحديث في سنن ابن ماجه ١/ ٣٥٢، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (٥)، باب ما جاء في الاستماع للخطبة والإنصات لها (٨٦)، رقم (١١١٠).
(٢) أي أبو يوسف ومحمد رحمهما الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>