وقد رَوَى أبو داود في «سننه»، وأحمد في «مسنده»، عن عبد الرحمن بن ثَوْبَان، عن أبيه، عن مَكْحُول قال:«أخبرني أبو عائشة ـ جَلِيسٌ لأبي هُرَيْرَة ـ أن سعيد بن العَاص سأل أبا موسى الأشعري، وحُذَيْفة بن اليَمَانِ: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الأضحى والفِطْر؟ فقال أبو موسى: كان يكبر أربعاً تَكْبِيرَهُ على الجنائز. فقال حُذَيْفَة: صدق. فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبِّر في البِصْرَةِ حيث كنت عليهم والياً». وسكت عنه أبو داود، ثم المُنْذِرِيّ في «مختصره»، وسكوتهما تصحيح، أو تحسين منهما.
وتضعيفُ ابن الجَوْزِيّ له بعبد الرحمن بن ثَوْبَان نَقْلاً عن أحمد وابن مَعِين، مُعَارَضٌ بقول صاحب «التَّنْقِيح» فيه: وثَّقَهُ غير واحد. وقال ابن مَعِين: لا بأس به، ولكن في مسنده أبو عائشة، يقول ابن حَزْم فيه: مجهول. وقال ابن القَطَّان: لا يُعْرَفُ حاله. قلنا: عَرَفَه مكحول، فرواه عنه.
ويُقَوِّيهِ ما رواه عبد الرَّزَّاق في «مصنفه»: أخبرنا سُفْيَان الثَّوْرِيّ، عن أبي إسحاق، عن عَلْقَمَة، والأَسْوَد:«أنَّ ابن مسعود كان يُكَبِّرُ في العيدين تسعاً: أربعاً قبل القراءة، ثم يكبر فيركع. وفي الثانية يقرأ، فإذا فَرَغَ، كَبَّرَ أربعاً، ثم ركع». وأخبرنا مَعْمَر، عن أبي إسْحَاق، عن عَلْقَمة والأَسود قال:«كان ابن مسعود جالساً وعنده حُذَيْفَة وأبو موسى الأشعري، فسألهم سعيد بن العاص عن التكبير في صلاة العيد، فقال حُذَيْفَة: سَل الأَشْعَرِيّ، فقال الأشعريّ: سَلْ عبد الله، فإنه أقدمنا وأعلمنا. فسأله، فقال ابن مسعود: يُكَبِّرُ أربعاً، ثم يقرأ، ثم يكبر فيركع، ثم يقوم في الثانية فيقرأ، ثم يُكَبِّرُ أربعاً بعد القراءة».
ورَوَى ابن أبي شَيْبَة في «مصنفه»: حدثنا هُشيم: أخبرنا مُجَالِد، عن الشَّعْبِيّ، عن مسروق قال:«كان عبد الله بن مسعود يُعَلِّمُنا التكبير في العيدين تسع تكبيرات: خَمْسٌ في الأولى، وأرْبَعٌ في الأخيرة، ويُوَالي بين القراءتين، وأن يخطب بعد الصلاة على راحلته». والمراد بالخمس: تكبيرة الافتتاح، والركوع، وثلاث زوائد. وبالأربع: ثلاث زوائد، وتكبيرة الركوع. وروى محمد بن الحسن في كتاب «الآثار»: أخبرنا أبو
= من التعليل للموالاة بأن التكبيرات من الشعائر، ولهذا وجب الجهر بها، فوجب ضم الزوائد في الأولى إلى تكبيرة الافتتاح لسبقها على تكبيرة الركوع، وإلى تكبيرة الركوع في الثانية لأنها الأصل. فقد قال في "البحر": الظاهر أن المراد بالوجوب الثبوت لا المصطلح عليه، لأَن الموالاة مستحبة. "رد المحتار" ١/ ٥٦٠.