حنيفة، عن حَمَّاد بن سُلَيْمان، عن إبراهيم النَّخَعِيّ، عن عبد الله بن مسعود:«أنه كان قاعداً في مسجد الكوفة ـ ومعه حُذَيْفَة بن اليَمَانِ، وأبو موسى الأَشْعَرِيّ ـ فخرج عليهم الوليد بن عُقْبَة بن أبي مُعَيْط ـ وهو أمير الكوفة يومئذ ـ فقال: إنَّ غداً عيدكم فكيف أصنع؟ فقالا: أخبره يا أبا عبد الرحمن، فأمره أن يصلي بغير أذان ولا إقامة، وأن يُكَبِّرَ في الأُولى خمساً، وفي الثانية أربعاً، وأن يُوَالي بين القراءتين».
وقد رُوي عن غير واحد من الصحابة نحو هذا، وهو أثر صحيح، قاله بحضرة جماعة من الصحابة. ومثل هذا يُحْمَلُ على الرفع، لأنه مِثْل نَقْل أعداد الركعات. وروى ابن أبي شَيْبَة: حدَّثنا هُشَيم، أخبرنا خالد الحَذَّاء، عن عبد الله بن الحارث قال:«صلى ابن عباس يوم عيد، فكبر تسع تكبيرات: خمساً في الأولى، وأربعاً في الآخرة، ووَالَى بين القراءتين». ورواه عبد الرزاق وزاد فيه:«وفعل المُغِيرَة بن شُعْبَة مثل ذلك». فعملنا بأثر ابن مسعود لسلامته عن الاضطراب، وموافقة جمع من الصحابة له قولاً وفعلاً في هذا الباب، والله أعلم بالصواب.
وعند الشافعيّ وهو مَرْوِيّ عن أبي يوسف: التكبير في الأولى: سبعٌ سوى تكبيرة الإحرام والركوع. وعند مالك، وأحمد: بتكبيرة الإحرام والركوع، وفي الثانية: خمس سوى تكبيرة النهوض وتكبيرة الركوع.
ولا مُوَالَاةَ بين القراءتين في الركعتين، لِمَا روى أبو داود، وابن ماجه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «التكبير في الفِطْر سبعٌ في الأولَى، وخمسٌ في الثانية، والقراءة بعدهما كلتيهما». زاد الدَّارَقُطْنِيّ:«سوى تكبيرة الصلاة». والحديث من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي. قال ابن القَطَّان في كتابه: الطائفي هذا ضَعَّفَه جماعة، منهم ابن مَعِين. وقال الترمذي في «العِلَل»: سألت البخاري عنه فقال: هو صحيح. ولقول عائشة:«كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يكبّر في العيدين: في الأولى بسبع تكبيرات، وفي الثانية: بخمس قبل القراءة، سوى تكبير الركوع». رواه أبو داود، وابن ماجه، عن ابن لَهِيعَة.
وقال الحاكم: تفرد به ابن لَهِيعة. وقد استشهد به مسلم في الموضعين. وأخرج الترمذي، وابن ماجه، عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المُزَنِيّ (١) ، عن أبيه،
(١) في المطبوع المدني، والمثبت من المخطوط وهو الصواب، لموافقته لما في سنن الترمذي ٢/ ٤١٦، كتاب الصلاة (٢)، باب ما جاء في التكبير في العيدين (٣٤)، رقم (٥٣٦).