للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ الوَلِيُّ، كَمَا في العَصَبَات ويَصِحُّ، فإنْ صَلَّى غَيْرُهُمْ يُعِيدُ الوَلِيُّ إنْ شَاءَ، ولا يُصَلِّي غَيْرُهُ بَعْدَهُ.

===

الصدر الشهيد: وعليه الفتوى.

(ثُمَّ الوَلِيُّ كَمَا في العَصَبَات) فيُقَدَّم بنو الأعيان ـ وهم الأخوة لأبوين ـ على بني العَلاَّت ـ وهم الأخوة لأب (١) ـ، ويُقَدَّم الابن على الأب. وذكر محمد في كتاب الصلاة: أن الأب مُقَدَّم. فقيل: هو قول محمد فقط. وقيل: قول الكل. وفي «المحِيط»: هو الأصِحّ، لأن للأب فضيلة، ولها أثر في استحقاق الإمامة، ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام في القَسَامة: «ليتكلم أكبركما» (٢) .

(ويَصِحُّ) الإذن بالصلاة عليها ممن له التقدم، لأن التقدم حقه، فيملك إبطاله بتقديم الغير. (فإنْ صَلَّى غَيْرُهُمْ) أي غير هؤلاء الذين ذُكِرُوا من السلطان، والقاضي، وإمام الحيّ، والوَلِيّ (يُعِيدُ الوَلِيُّ إنْ شَاءَ) لأن الولاية في الحقيقة له. وإذا كان للولي أن يُعِيدَ إذا صلّى غيرهم، كان لمن يتقدم على الوَلِي أن يعيد أيضاً. وهذا إذا لم يَرْضَ به، فلو تابعه وصلَّى معه فلا يعيد. وفي «القُنْيَة»: ليس لمن صلى عليها أنْ يُصَلِّي مع الوَليّ مرة أخرى.

(ولا يُصَلِّي غَيْرُهُ) أي غير الوَلِي (بَعْدَهُ) أي بعد صلاة الوَلِيّ ولو صَلَّى وحده، وبه قال مالك. وفي «شرح الكَنْز»: وكذا بعد صلاة إمام الحيّ، وبعد كل من يتقدم على الولي، لأن الفرض تأدَّى بالأولى، والتَّنَفُّلُ بها غير مشروع. وأجازه الشافعيّ لِقول أبي هريرة: «إنَّ رجلاً أسود كان يَقُمُّ (٣) المسجد. فسأل النبيُّ صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا: مات. فقال: أفلا آذَنْتُمُونِي؟ دُلُّوني على قبره. فأتى على قبره، فصلّى عليه». ولقول ابن عباس: «أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أتى على قبر منبوذ، فصفهم عليه، فكبَّر أربعاً» (٤) . رواهما الشيخان.

ولقول يزيد بن ثابت ـ أخي زيد، وكان أكبر منه ـ: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا وردنا البقيع إذا هو بقبر. فسأل عنه، فقالوا: فلانة، فعرفها. فقال: أَلَا آذَنْتُمُونِي (بها) (٥) ؟، قالوا: كنت قائلاً صائماً. قال: فلا تفعلوا، لا أَعْرِفَنَّ ما مات منكم ميت ما


(١) في المخطوط: الإِخوة لأم، والمثبت من المطبوع، وهو الصواب.
(٢) لم نجده.
(٣) في المطبوع: يقيم، والمثبت من المخطوط، وهو الصواب لموافقته لما في الصحيحين. ومعنى يَقُمُّ: يَكْنُس. المصباح المنير ص: ٥١٦، مادة (قَمَّ).
(٤) في المطبوع زيادة في الحديث، وما أثبتناه لفظ المخطوط وهو الأوفق لما في الصحيحين.
(٥) ما بين الحاصرتين من "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" ٧/ ٣٥٦ - ٣٥٧، كتاب الجنائز، حديث رقم (٣٠٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>