للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ فَدُفِنَ، صُلِّيَ مَا لَمْ يُظَنَّ تَفَسُّخُه. ولَمْ تَجُزْ رَاكِبًا. وكُرِهَتْ في مَسْجِدٍ،

===

كنتُ بين أظهركم إلاَّ آذَنْتُمُوني به، فإن صلاتي عليه رحمة. ثم أتى القبر، فصففنا خلفه، وكبَّر عليها أربعاً». رواه ابن حِبَّانٍ وصححه، والحاكم وسكت عنه. ولصلاة الصحابة على النبيّ صلى الله عليه وسلم فوجاً بعد فوج.

قلنا: كان له حق التقدم في الصلاة لقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (١) وللولي حق الإعادة. أو كانت من خَوَاصِّه صلى الله عليه وسلم ولقول سعيد بن المُسَيَّب: «إن أم سعد ـ يعني ابن عُبَادة ـ ماتت والنبيّ صلى الله عليه وسلم غائب، فَلَمَّا قَدِمَ صلى عليها وقد مضى لذلك شهر». قال البَيْهَقِي: هو مرسل صحيح. وقد رُوِي موصولاً عن ابن عباس، والمشهور هو المرسل. «ولصلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم على قَتْلَى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات». رواه أبو داود. وكذلك صلاة الصحابة عليه أفواجاً كانت من الخواص، وإلاَّ لكان يُصَلَّى على قبره إلى قيام الساعة. لأنه صلى الله عليه وسلم كما وُضِع، لِمَا صَحَّ «أن لحوم الأنبياء مُحَرَّمةٌ على (٢) الأرض». ولم يشتغل بها أحد من العلماء والصُّلَحاء الراغبين في التقرب إليه صلى الله عليه وسلم فكان دليلاً ظاهراً على عدم مشروعية التَّنَفُّلِ بها.

(ومَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ فَدُفِنَ) بعد غسله أو تيممه (صُلِّيَ) على قبره إقامة للواجب بقدر الإمكان (مَا لَمْ يُظَنَّ تَفَسُّخُه) على الصحيح لأنه يختلف باختلاف الزمان: حَرّاً أو بَرْداً. والمكان: رَخَاوةً وصلابةً. وحال الميت: سُمْناً وهُزَالاً. فيعتبر فيه أكبر الرأي. ويُرْوى عن أئمتنا: أنه يُصَلَّى عليه إلى ثلاثة أيام.

(ولَمْ تَجُزْ) الصلاة على الجِنَازة حال كون المُصَلِّي (رَاكِباً) من غير عذر. وكذا إذا كان الميت على الدابة، أو على أيدي الرجال، لأن الميت بمنزلة الإمام، ولذا يُقَدَّمُ، وكذا لا يجوز إذا كان المُصَلِّي قاعداً مع القدرة على القيام

(وكُرِهَتْ) الصلاة على الجِنَازة عندنا وعند مالك (في مَسْجِدٍ) غير مُعَدَ لصلاة الجِنَازة كراهة تحريم في رواية، وتنزيهاً في أخرى، واختارها بعض المحققين. وقال الشافعي: لا يُكْره لِمَا في مسلم، عن أبي سَلَمة، عن عائشة أنها قالت لَمَّا تُوُفِّي سعد


(١) سورة الأحزاب، الآية: (٦).
(٢) سنن أبي داود ١/ ٦٣٥، كتاب الصلاة (٢)، باب فضل يوم الجمعة … (٢٠٠ - ٢٠١)، رقم (١٠٤٧): بلفظ "إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء".

<<  <  ج: ص:  >  >>