للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُدْفَنُ بِدَمِهِ.

وغُسِّلَ مَنْ وُجِدَ قَتِيلًا في مِصْرٍ لا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ، أوْ جُرِحَ وارْتَثَّ، بأنْ نَامَ، أوْ أكَلَ، أوْ شَرِبَ، أوْ عُولِجَ، أو آوَاهُ خَيْمَةً، أو نُقِلَ مِنَ المِعْرَكَةِ حَيًّا، أوْ بَقِي عَاقِلًا وَقْتَ صَلاةٍ كامِلٍ،

===

فإن قيل: حديث جابر على ما رواه البخاري والترمذي نصٌّ في عدم الصلاة على الشهيد. فالجواب: أن رواية المُثْبِت موافقة للأصول، فتُقَدَّم على رواية النافي لمخالفتها لها، ولأن الصلاة واجبة علينا بيقين، فلا تسقط بظني مُعَارَض بمثله أو أمثاله. وأمَّا قول السُّهَيْلِي: ولم يُرْوَ أنه صلى الله عليه وسلم صلّى على شهيد في شيء من مغازيه إلاَّ هذه. فمُعْتَرَضٌ عليه بما ذكره النَّسائي: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى على أعرابي في غزوة أخرى».

(ويُدْفَنُ بِدَمِهِ) لما روينا، ولِمَا في «سنن أبي داود»، عن جابر. قال: «رُمِيَ رجل بسهم في صدره أو حلقه فمات، فأُدْرِجَ في ثيابه كما هو، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولِمَا في «سنن النَّسائي»، عن عبد الله بن ثَعْلَبَة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «زمِّلُوهم (١) بدمائهم، فإنه ليس كَلْمٌ (٢) يُكْلَمُ في سبيل الله إلا يأتي يوم القيامة يَدْمَى، لونه لون الدَّم، وريحه ريح المسك». وفي «مسند أحمد»، عن عبد الله بن ثَعْلَبَة: «أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أشرف على قَتْلَى أُحُد. فقال: «إني شهيد على هؤلاء، زَمِّلُوهم بكُلُومِهِم ودِمَائِهم».

(وغُسِّلَ مَنْ وُجِدَ قَتِيلاً في مِصْرٍ لا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ) سواء عُلِمَ أنه قُتِلَ بحديدة أو بعصاً كبيرةٍ أو صغيرةٍ. لأن الواجب فيه الدِّيَة والقَسَامة (٣) . وأمَّا إذا عُلِمَ القاتل، فإنْ عُلِمَ أن القتل بالحديدة، لا يغسل، لأنه شهيد. وإن عُلِمَ أنه بالعصا الكبيرة يُغَسَّل عند أبي حنيفة، خلافاً لهما. وإنْ عُلِم أنه بالعصا الصغيرة يُغَسَّل اتفاقاً.

(أوْ جُرِحَ) أي وكذا غُسِّلَ من جرح (وارْتَثَّ بأنْ نَامَ أوْ أكَلَ أوْ شَرِبَ أوْ عُولِجَ) بدواء (أو آوَاهُ خَيْمَةً) وكذا شجرة أو بيتاً ليمرَّض فيها (أو نُقِلَ مِنَ المعْرَكَةِ حَيَّاً) لا لخوف أن يُدَاس لأنه نال من الراحة، فلم يكن في معنى شهداء أُحُد. «وأصاب سعد بن مُعَاذ سهم يوم الخَنْدَق فحُمِلَ إلى المسجد، ثم مات بعد ذلك. فغسَّله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(أوْ بَقِي عَاقِلاً وَقْتَ صَلَاةٍ كامِلٍ) لأنه وجب عليه قضاؤها وهو حكم من أحكام


(١) زَمَّل: لفَّف وغَطَّى. المعجم الوسيط ص: ٤٠٠، مادة (زمل).
(٢) الكَلمْ: الجُرْح. المعجم الوسيط ص: ٧٩٦، مادة (كَلمَ).
(٣) القَسَامة: اليمين، وهي أن يُقْسِم خمسون من أولياء الدَّم على استحقاقهم دمَ صاحبهم إذا وجدوه قتيلًا بين قوم ولم يُعرف قاتله. فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يمينًا. ولا يكون فيهم صبيٌّ ولا امرأَة ولا مجنون ولا عبد، أو يُقْسِم بها المتَّهمون على نفي القتل عنهم - فإن حلف المدَّعون استحقّوا الدِّية وإن حلف المتَّهمون لم تلزمهم الدِّية. المعجم الوسيط ص: ٧٣٥، مادة (قسم).

<<  <  ج: ص:  >  >>