للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَجْحُودٍ لا حُجَّة عليه، ومَأخُوذٍ مُصَادَرَةً.

وشُرِطَ النِّيَّةُ وقتَ الأَداء أَوِ العَزْلِ،

===

في حفرها حَرَجاً.

(ومَجْحُودٍ) سواء كان ديناً أَوْ غَصْباً، واحترز به عن المُقَرِّ به سواء كان المُقِرُّ غنياً أَوْ فقيراً (لا حُجَّة عليه)، بل أَقام رَبُّ المال البينةَ بعد سنين على الإِقرار به. وإِنَّما قيد به لأَن المجحود الذي عليه بينة، أَوْ عَلِمَ القاضي به، يجب الزكاة فيه للأَيام الماضية، لإِمكان الوصول إِلى المال إِنْ كانَ الخصم مُوسِراً، وإِلى تحصيله إِنْ كان مُعْسِراً. وقال بعضهم: إِنَّه لا زَكاة عليهِ سواء كان له بينة أَوْ لم يكن، إِذْ ليس كلُّ شاهددُيقبل، ولا كُلُّ قاضٍ يَعْدِل، وفي المجاثاة بين يديه ذُلّ في الخُصُومة، فكان له أَنْ لا يَذِلَّ نفسه.

(ومَأْخُوذٍ مُصَادَرَةً)، لما رَوَى مالِك في «مُوَطَّئِهِ»: أَنَّ عمرَ بن عبد العزيز كتب في مالٍ قبضه بعضُ الولاةِ ظُلْماً، فأَمَرَ بِرَدِّه إِلى أَهله، ويؤخذ زكاته لِمَا مضى من السنين، ثم أَعقب بعد ذلك بكتاب، لا تؤخذ منه إِلا زكاة واحدة، فإِنَّه كان ضِمَاراً. ولِمَا روى ابن أَبي شَيْبَة في «مُصَنَّفِهِ» عن عبد الرحمن بن سليمان، عن عمرو بن مَيْمُون قال: أَخذ الوليدُ بنُ عبد الملك مالَ رجلٍ مِنْ أَهل الكوفةِ ـ يقال له أَبو عائشة ـ عشرين أَلفاً، فأَلْقَاها في بيت المال، فلما وُلِّيَ عمر بن عبد العزيز، أَتاه ولده فرفعوا مَظْلِمَتَهُم إِليه، فكتب إِلى ميمون: أَنِ ادفعوا إِليهم أَموالهم، وخذوا زكاة عامهم، فإِنَّه لولا أَنَّه كان مالاً ضِمَاراً أَخَذْنَا منه زكاة ما مضى. وهذا مذهب الحسن البصري، وبه قال مالك، خلافاً للشافعيِّ وزُفَر، لأَن وجوب الزكاة باعتبار المِلْك دون اليد، أَلا ترى أَنَّ ابن السبيل يلزمه الزكاة لما مضى إِذا وصلت يده إلى ماله لقيام مِلْكِهِ فيه، وكذلك في المَغْصُوب، فإِنَّ بالغصب ونحوه يَنْعَدِمُ يدُ المالك عنه دون ملكه.

ولنا ما ذكره سِبْطُ بن الجوزي في «آثار الإِنصاف» عن عثمان، وابن عمر: لا زكاة في مال الضِّمار. وأَمَّا عَزْوُ صاحب «الهداية» إِلى عليَ فليس بمعروف، ولأَنَّ وجوب الزكاة باعتبار معنى النماء، وقد اشتد على المالك طريق تحصيل النماء فيه، فانعدم ما لأَجْلِهِ كان نصابُ الزكاة، بخلاف ابن السبيل فإِنَّ النَّماء يَحْصُلُ له بيد نائبه كما يحصل بيده.

(وشُرِطَ) لأَدائها وصَيْرُورَةِ المُؤَدَّى زكاة (النِّيَّةُ) في الزكاة لأَنها عبادة (وقتَ الأَداء) أَي المُسْتَحَقُّ، لأَن الأَصل في النيّة أَنْ تقترنَ بالعبادة، (أَوِ العَزْلِ) أَي عَزْل

<<  <  ج: ص:  >  >>