للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُكاتَبُ فَيُعَانُ عَلى فَكِّ رَقَبَتِهِ، ومَدْيُونٌ لا يَمْلِكُ نِصَابًا فاضلًا عن دَيْنِهِ، وفي سَبِيلِ اللَّهِ: أَي مُنْقَطِعِ الغُزاةِ عِنْدَ أَبي يُوسُفَ، ومُنْقَطِعِ الحَاجِّ عِنْدَ مُحَمّدٍ،

===

(والمُكَاتَبُ فَيُعَانُ عَلى فَكِّ رَقَبَتِهِ) غنياً كان مولاه أَوْ فقيراً، بشرط أَنْ لا يكون المُكَاتَبُ مُكَاتَبَ المُزَكّي ولا مكاتَبَ الهاشمي، لما روى الطبري في «تفسيره» عن الحسن البَصْرِي، والزُّهْرِي، وعبد الرحمن بن زيد (١) بن أَسْلم أَنَّهُمْ قالوا: {وفي الرِّقَابِ} هم المُكَاتَبُونَ، ولأَنَّ التمليك لا بد منه في الزكاة، ولا يتصور من القِنِّ وقال مالك: يبتاع رقبةً فيعتق، فيكون الولاء على مذهبه لجماعة المسلمين دون المُعْتِقِ.

(ومَدْيُونٌ لا يَمْلِكُ نِصَاباً فاضلاً عن دَيْنِهِ) أَوْ يملكه، ولكنه عند الناس، ولا يتمكن من أَخْذهِ منهم كما مَرَّ (٢) في مال الضِّمَار. وتوضيحه: أَنَّ مقدار الدين مِنْ مَالِهِ مستحق لحاجَتِهِ الأَصْلِيةِ فَجُعِلَ كالمَعْدُوم، وما وراء ذلك لا يبلغ مئتي درهم فلا يؤثر في حرمان الصدقة. فقال الشافعي: الغَارِمُ أَيضاً مَنْ تَحَمَّلَ غرامةً لإِصلاح ذاتِ البين وإِطفاء العداوة بين القبيلتين.

(وفي سَبِيلِ اللَّهِ: أَي مُنْقَطِعِ الغُزاةِ) أَي فقيرهم المنقطع بهم (٣) (عِنْدَ أَبي يُوسُفَ) لأَنه المفهوم مِنْ إِطلاق هذا اللفظ، فينصرف إِليه لا غير. يؤيده ما في البخاري أَنه عليه الصلاة والسلام قال: «إِنَّ خالداً احْتَبَسَ (٤) أَدْرَاعَه في سبيل الله»، ولا شك أَنَّ الدرع لِلغَزْو لا للحج.

(ومُنْقَطِعِ الحَاجِّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) يعني كذلك، لأَنه في معناه، وكأَنَّه أَراد بالحاج ما يعم الحج الأَكبر والأَصغر: وهو العمرة، لِمَا روى أَبو داود في «سُنَنِه» عن أُمِّ مَعْقِل قالت: يا رسول الله إِنَّ عليَّ حجّة ولأَبي مَعْقِل بَكْراً (٥) ، قال أَبو مَعْقِل: جعلتُه في سبيلِ الله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «أَعْطِها فَلْتُحج عليه، فإِنَّه في سبيلِ الله، فأَعطاها البَكْر». ولما في البخاري عن أَبي لاسٍ الخُزَاعي أَنه قال: «حَمَلَنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم على إِبِل الصَّدَقَةِ للحَجِّ».

ورَوى الحاكم في «المستدرك» من طريق أَحمد بن حنبل ـ وقال: صحيح على


(١) في المطبوعة: يزيد، وما أثبتناه من المخطوطة وهو الصواب.
(٢) سقط من المطبوعة.
(٣) سقط في المطبوعة.
(٤) في المطبوعة: حَبَس، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٥) البَكْر: الفتيُّ من الغنم، والأُنثى بَكْرة. النهاية: ١/ ١٤٩، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>