للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمْلِيكًا، لا إِلى مَنْ بَيْنَهُمَا وِلادٌ أَو زَوْجِيَّةٌ،

===

الخصوصيات من الملك والاستحقاق، وقد يكون مُجرّداً، فحاصل التركيب: إِضافة الصدقات ـ العامُّ الشاملُ لِكُلِّ صدقةِ متصدِّقٍ ـ إِلى الأَصناف ـ العام كل منها الشامل لكل فردٍ فردٍ، بمعنى أَنهم أَجمعين أَخصُّ بها كُلِّها، وهذا لا يقتضي أَنْ تكون كل صدقة منقسمة على أَفراد كُلِّ صِنفٍ، بل يقتضي أَنَّ الصدقات كُلَّهَا للجميع أَعم من أَنْ تكون كل صدقةٍ صدقةٍ لكل فردٍ فردٍ إِنْ أَمكن، أَوْ كل صدقة جزئية لطائفة، أَوْ لواحدٍ، ومما يدل على صحّة ما قلنا الأَحاديثُ التي قدمنا. (١)

(تَمْلِيكاً) لأَن الإِيتاء في قوله: {وآتُوا الزَّكَاةَ} (٢) يقتضي التمليك، فلو بنى مسجداً، أَوْ قنطرةً، أَوْ سقايةً، أَوْ أَحَجَّ إِنساناً، أَوْ كَفَّنَ ميتاً لا يُجزِئه، لانعدام التمليك.

وفي «الخانية»: لو أَطعم يتيماً، أَوْ كساه من زكاته بالتسليم إِليه جاز إِنْ كان مُرَاهِقاً أَوْ يعقل القبض، وإِنْ كان صغيراً لا يَجُوز، كما لو وضعها على مكان فأَخذَها فقير. وفي «المحيط»: ولو قضى بها دَيْنَ حيَ بأَمره جاز، ويكون القابضُ كالوكيل بالقبض عنه.

(لا إِلى مَنْ بَيْنَهُمَا وِلادٌ) أَي لا يَصْرِفُ المُزَكِّي زكاته إِلى مَنْ بينه وبينه موالدة: فلا يَصْرِف إِلى أَصْلٍ من أُصوله وإِنْ علا، ذكراً كان كالأَب والجد أَوْ أُنْثَى كالأم والجدة، ولا إِلى فَرْعٍ من فروعه وهم: الابن والبنت وأَولادهم وإِنْ سفل، ذكراً كان أَوْ أُنثى، لأَن المنافع في الأَملاك بينهما متصلةٌ عادةً باعتبار الجزئية والبعضية، ولهذا لا تُقْبَلُ الشهادة فيما بينهم، فلا يتحقق التمليك على الكمال.

(أَوْ زَوْجِيَّةٌ) فلا يدفع الرجل زكاته إِلى امرأَته باتفاق. ولا تدفع المرأَة زكاتها إِلى زوجها عند أَبي حنيفة للاشتراك بينهما في المنافع عادةً.

وقال أَبو يوسف ومحمد: تدفع، لما روى الجماعة إِلاَّ أَبا داود عن زينب امرأَة عبد الله بن مسعود رَضِيَ الله عنه قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ ولو مِنْ حُلِيِّكُن، قالت: فرجعت إِلى عبد الله فقلت: إِنك رجلٌ خفيفُ ذاتِ اليد (٣) ، وإِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أَمرنا بالصدقة، فأْته فاسأَله، فإِن كان ذلك يُجْزِاء عني دَفَعْتُها إِليك، وإِلاَّ صرفتُها إِلى غيركم؟ قالت: فقال عبد الله: بل ائتيه أَنْتِ. قالت: انطلقت


(١) نقل المؤلف هنا كلام ابن الهمام بشيء من الاختصار، فمن شاء التفصيل فلينظر "فتح القدير" ٢/ ٢٠٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: (٤٣).
(٣) خَفيفُ ذاتِ اليد: أَي فقير قليل المال والحظّ من الدنيا. النهاية: ٢/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>