للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا إِلى مَمْلُوكِهِ، ولا عَبْدٍ أَعْتَقَ بَعْضهُ،

===

فإِذا امرأَةٌ من الأَنصار جاءت (١) رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حَاجَتُها حاجتي، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُلقي عليه المهابة، قالت: فخرج علينا بلالٌ فقلنا له: أَخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنَّ امرأَتين بالباب تسأَلانِك: أَتُجزِاءُ الصدقة عنهما على أَزواجهما، وعلى أَيتام في حجورهما؟ ولا تخبره مَنْ نحن. قالت: فدخل بلالٌ فسأَله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ هما؟ قال: امرأَة من الأَنصار وزينب، قال: أَيُّ الزيانب»؟ فقال: امرأَة عبد الله بن مسعود، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لهما أَجران: أَجْر القَرَابة، وأَجر الصدقة».

وأُجيب عنه بأَنها كانت صدقةَ تَطَوّعٍ. قلنا: الحديث محمول على التطوع، بدليلِ ما رواه البَزَّار (٢) في «مسْنَدِهِ» عن أَبي سعيدٍ قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أَضحى أَوْ فطر، ثُم انصرف فوعظ الناس وأَمرهم بالصدقة، ثُم مَرَّ على النِّساء فقال لهن: «تصدقنّ». فلما انصرف وصار إِلى منزله، جاءته زينبُ امرأَة عبد الله بن مسعود فاستأذنت عليه فأَذن لها، فقالت: يا نبي اللهاِ إِنَّك اليوم أَمَرْتَنَا بالصدقةِ وعندي حُلِي لي، فأَردتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ به، فزعم ابنُ مسعود أَنه هو وولدهُ أَحقُّ مَنْ أَتصدق به عليهم. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «صدق ابن مسعود، زَوْجُكِ وولدُك احق مَنْ تصدّقت به عليهم».

وما رواه الطحاوي أَنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إِنِّي امرأَةٌ ذاتُ صَنْعَة أَبيعُ منها، وليس لزوجي ولا ولدي شيءٌ فشغلوني فلا أَتصدق، فهل لي فيهم أَجر؟ فقال صلى الله عليه وسلم «لك في ذلك أَجران: أَجْرُ الصدقة، وأَجْرُ الصِّلَة». ومعلومٌ أَنَّ الصدقة الواجبة لا تدفع إِلى الولد بالاتفاق.

(ولا إِلى مَمْلُوكِهِ) أَي مملوك نفسه، سواءٌ كان قِنَّاً، أَوْ مُدَبَّراً أَوْ أُم ولد، لأَن كسبهم للسيد، أَوْ مُكَاتَباً

، لأَن للسيد حقاً في كسبه، فلا يتم التمليك.

(ولا) إِلى (عَبْدٍ أَعْتَقَ بَعْضَهُ) وهذا عند أَبي حنيفة، لأَنَّ عنده مُعْتَقَ البَعْض تجب عليه السِّعَايةُ (٣) في البعض الذي لم يُعتَق، فلا يدفعُ مولاه الزكاةَ إِليه، كما لا يدفعها إِلى مُكاتَبِه. وأَمَّا عندهما إِذا أَعْتَقَ بعض عبده عَتَقَ جَميعُه، فيدفع مولاه الزكاة إِليه، لأَنَّه حينئذٍ ليس بمملوكه.


(١) في المخطوطة: بباب.
(٢) وفى المطبوعة: الترمذي، والصواب ما أثبتناه لموافقته ما في فتح القدير ٢/ ٢٧١.
(٣) السِّعَاية: تكليف العبد بعمل يفي به ما ترتب من مال. معجم لغة الفقهاء. ص ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>