للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا إِلى مَمْلُوكِهِ، ولا إِلى طِفْلِهِ، ولا إِلى بَنِي هَاشِمٍ

===

وقيل: لا تَحِلُّ الزكاة لصحيح البدن لما تقدم، والله تعالى أَعلم.

(ولا إِلى مَمْلُوكِهِ) أَي مملوكِ الغَنِيِّ، لأَن كَسْبه لمولاه، ويستثنى من ذلك المُكَاتَبُ على ما قدمناه. وفي «الذخيرة»: لو كان عبدُ الغَنِيِّ زَمِناً (١) لا يجد شيئاً ولم يكن في عيالِ مولاه، أَوْ كان غائباً مولاه، يجوز الدفع إِليه.

(ولا إِلى طِفْلِهِ) أَي طفل الغَنِي، سواء كان ذكراً أَوْ أُنْثَى، في عيال الأَب أَوْ ليس في عياله، لأَنه يعد غنياً بمال أَبيه. واحتُرِز بالطفل عن الولد الكبير إِذا كان فقيراً، فإِنه يجوز الدفع إِليه وإِنْ كان أَبوه ينفق عليه، لأَنه لا يعد غنياً بِغِنَى أَبيه.

(ولا إِلى بَنِي هَاشِمٍ) وهم: بَنُو الحارث، والعباس ابنا عبد المطلب ـ جَدّ النبي صلى الله عليه وسلم ـ وبَنُو عليّ، وجعفر، وعَقِيل ـ أَولاد أَبي طالب عمّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ، لا بَنُو أَبي لهب، لأَن حُرمة الصدقة أَولاً في الآباء إِكراماً لهم، ثُم سَرَت إِلى الأَبناء، ولا إِكرام لأَبي لهب.

وفي «المحيط»: ويجوز صَرْفُ صدقات الأَوقاف والتطوعات إِليهم ـ أَي إِلى بني هاشم ـ إِذا سُمّوا في الوقف. رُوي ذلك عن أَبي يوسف، ومحمد في «النَّوَادِر». وإِنما لا تدفع الزكاة إِليهم لأَن الفَرْض مُطَهِّر فيتدنسُ المُؤَدَّى، كالماء المستعمل (٢) ، فَنُزِّه الهاشمِيُّ عنه كرامةً له، ولقوله عليه الصلاة والسلام: «نحن أَهل البيت لا تَحِلُّ لنا الصدقات». رواه البخاري. وقوله عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ هذه الصدقاتِ إِنَّما هي أَوساخ الناس، لا تَحِلُّ لمحمدٍ ولا آل محمد». رواه مسلم. وفيه قصةٌ طويلة، رواه الطبراني، وفي آخِرِها: فقال لهما: «إِنه لا يحل لكم أَهلَ البيت من الصدقات شيء، إِنَّما هي غُسَالة الأَيدي، وإِن لكم في خُمْسِ الخُمْسِ ما يغنيكم».

وأَمَّا قول صاحب «الهداية»: لقوله عليه الصلاة والسلام: «يا بني هاشم، إِنَّ الله حرّم عليكم غُسَالة أَيدي الناس، وأَوساخهم، وعوَّضكم منها بِخُمْس الخُمْس». فَغَيْرُ مَعروفٍ بهذا اللفظ. قال الطحاوي: وعن أَبي حنيفة أَنَّ الصدقاتِ كُلَّها جائزة على بني هاشم، والحرمةُ كانت في عهده عليه الصلاة والسلام، لِوُصُولِ خُمْسِ الخُمْسِ إِليهم، فلما سَقَط ذلك بموته صلى الله عليه وسلم حَلَّت لهم الصدقة، قال: وبه نأخذ. وعن أَبي حنيفة رحمه


(١) الزَّمِن: المُبْتَلى بعاهةٍ قديمةٍ. معجم لغة الفقهاء ص: ٢٣٤.
(٢) حيث إنه أُدِّي به الفَرْض، أي رفع به الحدث لأجل الصلاة، فيدنَّس، أي لا يجوز أن يستعمل في رَفْع الحدث المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>