للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإِلى مَوَالِيهِم وإِلى ذِمِّي. وجَازَ غَيْرُهَا إِليه.

===

الله جواز دَفْعِ الهاشمي زكاتَه للهاشمي.

(و) لا (إِلى مَوَالِيهِم) أَي مُعْتَقِي بني هاشم، لما روى أَبو داود، والترمذي والنَّسائي عن ابن أَبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أَبيه: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رجلاً من بني مَخْزوم على الصدقةِ، فقال لأَبي رافع: اصحبني، فإِنَّك تُصِيبُ منها، قال: حتى آتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأَسأَله، فأَتاه فسأَله، فقال رسُول الله صلى الله عليه وسلم «مَوْلى القوم مِنْ أَنْفسِهِم، وإِنَّا لا تَحِلُّ لنا الصدقة». وفي رواية الجماعة، وصححه الترمذي: «إِنَّ الصدقة لا تَحِل لنا، وإِنَّ مولى القوم مِنْ أَنْفُسِهِم».

(و) لا (إِلى ذِمِّي) لما في الكتب الستة من حديث ابن عباس: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذاً إِلى اليمن فقال: «إِنَّك تأْتي قوماً أَهلَ كتابٍ، فادعهم إِلى شهادةِ أَنْ لا إِله إِلا الله وأَني رسولُ الله، فإِنْ هم أَطاعوك لذلك فأَعْلِمْهُم أَنَّ الله فَرَض عليهم خَمْسَ صلواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وليلةٍ، فإِنْ هم أَطاعوك لذلك، فأَعلمهم أَنَّ الله افترض عليهم صدقةً في أَموالهم، تُؤخذ من أَغنيائهم وتُرَدُّ على فقرائهم، فإِنْ هم أَطاعوك لذلك فإِيَّاكَ وكَرَائِممَموالِهِم، واتِّق دعوةَ المظلوم، فإِنه ليس بينها وبين اللهاِ حِجَابٌ».

فإِنْ قيل: هذا لا يمنع جواز الصَّرْف إِلى غير المسلمين، قلنا: لَمَّا كان مأموراً بالصرف اإلى فقرائنا، فلو صرف إِلى غيرهم لكان تاركاً الأَمرَ، فلا يجوز. وأَجَازَهُ زُفَرُ لِعُموم قوله تعالى: {لا يَنْهَاكُم اللَّهُ عن الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلوكُم في الدِّينِ ولم يُخرجُوكم مِنْ دِيَارِكُم أَنْ تَبَرُّوهُم وتُقْسِطُوا إِلَيْهِم} (١) ، وعموم آية المَصَارف، والتقييدُ زيادةٌ، وهو نَسْخٌ معنوي على ما عُرِف، ولهذا جاز صَرْفُ سائر الصدقات إِليهم إِلاَّ في روايةٍ عن أَبي يوسف بخلاف الحربي المستأمَن، حيث لا يجوز دَفْعُهَا إِليه لقوله سبحانه: {إِنَّما يَنْهَاكُم اللهُ عنِ الذين قَاتَلُوكم في الدِّين} (٢) … الآيةَ، قلنا: حيثُ خص منها الحربي بما تلونا، جاز تخصيصُ الذِّمي منها بما روينا، وإِنْ سلم أَنه من الآحاد، كيف وقد خرج منها أُصول المزكِّي (٣) وفروعه وزوجته.

(وجَازَ غَيْرُهَا) أَي غير الزكاة من سائر الصدقات (إِليه) أَي إِلى الذِّمي، سواء كان تطوعاً أَوْ واجباً، كالكفارة وصدقة الفطر، والنَّذر.


(١) سورة الممتحنة، الآية: (٨).
(٢) سورة الممتحنة، الآية: (٩).
(٣) في المطبوعة: المولى، وما أثبتناه من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>