للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويَصِحُّ أَداءُ رمضانَ بِنِيَّةِ نَفْلٍ أَو بِنِيَّة مُطْلَقٍ وبنِية واجبٍ آخر، إِلَّا في سَفَرٍ أَو مَرَضٍ. وكَذَا النَّفْلُ، والنَّذْرُ المُعَيَّن إِلَّا في الأخير.

===

يصح إِذا نوى بعد الغروب. أَوْ معناه لم ينوِ أَنَّه صومٌ من الليل، ثم نوى الصوم من وقت النية على أَنَّه عام خُصَّ منه النفل، والعام متى خُصَّ منه شيء، صَحَّ تَخْصِيصُهُ بالقياس، فَتَحْمِلُه على صوم القضاء، والنذر المطلق، والكفارات.

ثم لا فرق فيما ذكرنا من جواز النية قبل نصف النهار، بين المسافر والمقيم، والصحيح والسقيم، لأَنه لا تفصيل في ذلك من (الدليل) (١) . وقال زفر: لا يجوز الصوم للمسافر والمريض إِلاَّ بنية من الليل، لأَن الأَداء غير مُسْتَحَقَ عليهما وقت السفر والمرض، فصار كالقضاء.

(ويَصِحُّ أَداءُ رمضانَ بِنِيَّةِ نَفْلٍ (أَوْ بِنِيَّة) (٢) مُطْلَقٍ) بالإِضافة أَي مطلق الصوم، وفي بعض النسخ بنيةٍ مطلقةٍ ـ بالوصف ـ فلا بد من تقييدها للصوم، وهو روايةٌ عن أَحمد. وقال مالك، والشافعي: لا يصح أَداء رمضان إِلاَّ بنية على التعيين كما في الصلاة، ولنا في جواز النية المطلقة أَنَّ شهر رمضان مُتَعَيِّنٌ للفرض، ولا يسع غيره، والإِطلاق في المُتَعَيِّنِ تَعْيِينٌ، كَمَنْ نادى زيداً، المنفردَ في الدار بـ: يا إِنسان، فإِنَّ فيه تعيناً له، وأَمَّا في نيَّة النَّفْل فلأَن وصفه بالنفل خطأ فيبطل، ويبقى الإِطلاقُ، وهو تعيين.

(وبِنِية واجبٍ آخر، إِلاَّ في سَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ) فإِن المسافر والمريض إِذا نويا في رمضان واجباً آخر يقع عن ذلك الواجب، وهذا عند أَبي حنيفة. وقال أَبو يوسف ومحمد: يقع عن رمضان، لأَن الرُّخْصَةَ لأَجل المشقة، فإِذا تحمل المعذور التَحَقَ بِغَيرِهِ، ولأَبي حنيفة: أَنهما شَغَلا الوَقْتَ بالأَهَمِّ، لمؤاخذتهما بذلك الواجب في الحال، حتى لو مات فيها يأَثم، وتأَخر مؤاخذتهما برمضان إِلى إِدراك عدةٍ من أَيام أُخَر، حتى لو مات قبل إِدراك العِدَّة، ليس عليه شيء.

(وكَذَا) أَي مثل رمضان فيما تقدم (النَّفْل، والنَّذْرُ المُعَيَّنُ إِلاَّ في الأَخير) وهو الواجب الآخر، والفَرْقُ بينَ رَمضانَ والنَّذْرِ المُعَيَّنِ: أَنَّ رمضان مُتَعَيِّنٌ بِتَعْيينِ الشارع، وله (٣) إِبطال صلاحية ما نواه (بالتَّعيين لغير رمضان من الصيام، وأَمَّا النذر المعَيَّن فمتعين بتعْيين) (٤) الناذر، وله إِبطال صلاحيته لما له وهو النفل، لا لما عليه وهو الواجب الآخر.


(١) في المطبوعة: الليل، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٢) في المطبوعة: وبنِيَّة، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٣) أي للصائم.
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>