للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشُرِطَ للقضاءِ والكَفَّارة والنَّذر المُطْلَق أَنْ يُبَيِّتَ النيةَ، ويُعَيِّنَ. والنَّفْل يَوْمَ الشَّكِّ أَفْضَلُ لِمَنْ وافَقَ صومًا يَعْتَادُهُ وللخَوَاصِّ، ويفْطِرُ غَيْرُهم بَعْدَ نِصْفِ النهار.

===

(وشُرط للقضاءِ والكَفَّارة والنَّذر المُطْلَق أَنْ يُبَيِّتَ النيةَ) من الليل (ويُعَيِّنَ)، لأَنَّ هذه الأَشياء ليس لها وقت مُعَيَّن، فيجب تعيينها من الابتداء، وكذا النفل عند مالك، لإِطلاق ما روينا من قوله عليه الصلاة والسلام: «لا صِيَامَ لمَنْ لم يَفْرِضْهُ من الليل» (١) . ولنا ما في مسلم، عن عائشة قالت رَضِيَ الله عنها: دخل عليَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: «هل عندكم شيء؟ فقلنا: لا، فقال: إِنِّي إِذاً صائم»، وأَجاز الشافعي في قولٍ نِيَّتَهُ بعد الزوال أَيضاً، فيصيرُ صائماً من حين نوى، إِذْ هو مُتَجَزِّاءٌ عنده لكونه مبنياً على النشاط، ولعله ينشط بعد الزَّوال، ولكن الصحيح اشتراط حصول شروط الصوم من أَول النهار.

(والنَّفْلُ يَوْمَ الشَّكِّ): وهو ما استوى فيه طرفُ العلم والجهل، وذا بأَنْ غُمَّ هِلَالُ رمضانَ في اليوم التاسع والعشرين، فيقع الشَّكُّ في اليوم الثلاثين أَنه من شعبان أَوْ رمضان، نظراً إِلى قوله صلى الله عليه وسلم «الشهر هكذا، وهكذا، وهكذا» (٢) ، وحبس إِبهامه في المرة الثالثة.

وقوله: «هكذا وهكذا وهكذا»، (أَفْضَلُ لِمَنْ وافَقَ صوماً يَعْتَادُهُ)، كذا لِمَنْ صام ثلاثة أَيام أَوْ أَكثر من آخر شعبان، وأَراد تكميل شعبان (وللخَوَاصِّ) كالقاضي، والمفتي من العلماء.

(ويُفْطِرُ غَيْرُهم بَعْدَ نِصْفِ النهار) الشرعيِّ نفياً لتُهْمَةِ ارتكاب المنهيِّ عنه. وقال أَحمد، وجماعةٌ: إِذا كان بالسماء غَيْمٌ فليس بيوم شك موصوف بالمنهيّ (٣) عنه، ويجب صومه عن رمضان. وقال مالك: هو يوم الشك، ويجوز صومه إِذا لم يَقْصِد به استقبال رمضان، أَوْ وَافَقَ صوماً كان يصومه، ولا يجوز أَنْ يصومه على (٤) أَنه من رمضان على طريق الاحتياط. وقال الشافعي: يكره التطوع إِذا انتصف شعبان، لما روى أَبو داود، والنسائي: «إِذا انتصف شعبان فلا تصوموا». لكن قال أَحمد: إِنَّه غير


(١) أخرجه ابن ماجه في سننه ١/ ٥٤٢، كتاب الصيام (٧)، باب ما جاء في فرض الصوم من الليل (٢٦)، رقم (١٧٠٠).
(٢) أخرجه الإِمام مسلم في صحيحه ٢/ ٧٦١، كتاب الصيام (١٣)، باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال (٢)، رقم (١٦ - ١٠٨٠).
(٣) في المطبوعة: بالنهي، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٤) سقط من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>