للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سال إِلى ما يُطَهَّر،

===

الوجَع ناقض، وبدونه لا. ثُمَّ الماءُ الخارجُ من النَّفِطَة (١) بمنزلة الدَّم على الأصحّ، وكذا الصَّديدُ (٢) . وقيل: الماءُ بمنزلة الدَّمْع، كذا في «المضمرات».

(سال إِلى ما يُطَهَّر) أي ما يجبُ تطهيرُه في الجملة، ولو في الجنابة كالفم والأنف، فلا يَنْقضُ ما ظَهَر في موضعه ولم يَرتقِ كنَفِطَةِ الجُدَرِيّ والبَثْرَةِ (٣) إذا قُشِرَتْ، ولا ما ارتقَى عن موضعه ولم يَسِلْ، والدمُ المرتقي مِنْ مَغْرِز الإِبَرِ، والحاصِلُ في الخلال من الأسنان، وفي الخُبزِ من العضّ، وفي الإِصبَعِ من إدخالِ الأنف (٤) ، ولا ما يَسِيلُ بعَصْرٍ وكان بحيث لو لم يُعْصَر لم يَسِل.

فالمرادُ بالسَّيَلانِ أعمُّ من أن يكون بالفعلِ أو بالقوَّةِ القريبة منه. ولا يَنْقُض نحوُ الدَّم يَخْرُج من العينِ أو الجِراحةِ ويَسيل فيهما بحيث لا يتجاوزهما. وقال زُفَر: لا يُشترط السَّيَلانُ اعتباراً بالمَخْرَجينِ. ولنا قولُه عليه الصلاة والسلام: «ليس في القَطْرَة والقطرتين من الدم وضوءٌ إلا أن يكون سائلاً» رواه الدارقطني في «سننه»، لكنّ في إسناده ضعفاً.

وقال أحمد: يَنْقُضُ الدَّمُ الفاحشُ والدود الفاحش (٥) الخارجُ من الفرج. وقال مالك والشافعي: لا يَنْقُض الخارجُ من غير السبيلين لِمَا أسنده أبو داود والحاكم وعلّقه البخاري فقال: «ويُذكَرُ عن جابر بنِ عبد الله أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرِّقاع ـ بكسر الراء ـ فرُمِيَ رجلٌ بسهم فَنَزَفه الدمُ، أي خرج منه حتى ضَعُف، فرَكَعِ وسَجَد ومَضَى في صلاته». وسمَّاه البيهقي وقال: فنام عمَّارُ بنُ ياسر، وقام عَبَّادُ بنُ بِشْر يُصَلِّي وقال: كنتُ أصلِّي بسورة الكهف فلم أُحبَّ أن أقطعها. والاستدلالُ به مُشكِل، ولذا قال الخَطَّابي: ولستُ أدري كيف يصحُّ الاستدلال به، والدمُ إذا سال يُصِيبُ بدنَه، وربما أصاب ثوبَه، ومع إصابة شيء من ذلك لا تصحُّ صلاته، إلا أن يقال: إن الدم كان


(١) النِّفِطَة: الجُدَرِي. حاشية الطحاوي على مراقي الفلاح ص ٦١. والقامرس المحيط ص ٨٩١ مادة (نفط).
(٢) الصَّديد: ماء الجُرح الرقيق. القاموس المحيط ص ٣٧٣، مادة (صد).
(٣) في المطبوعة: البَشَرة، والمثبت من المخطوط، وهو الأصح. والبَثرَة: خُرَّاج صغير مملوءٌ قيحًا. معجم لغة الفقهاء ص ١٠٤.
(٤) عبارة المخطوطة: وفي الإصبع من إدخاله في الأنف.
(٥) لم ترد عبارة: "والدود الفاحش" في النسخة التي حققها شيخنا الشيخ عبد الفتاح أَبو غدة رحمه الله، وهي مثبتة في المطبوعة والمخطوطة اللتين بين أيدينا، ولكن بإبدال لفظ: "المخرج" بدل: "الفرج" في المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>