للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَضَى فَقَط إِنْ أَفْطَرَ خَطَأً، أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ يَظُنُّ

===

تحصيل الحاصل. وهذا (١) مبني على الدرء بالشبهة، والاقتصار في الحدود على حدَ واحدٍ إِنَّما كان باعتبار شبهة عدم الفائدة لحصول الانزجار بالأَول منها فكذا هنا، بخلاف اليمين، لأَنها شرعت جبراً لهتك حرمة الاسم عندنا والهتك متعدد، بخلاف الكفارة هنا، لأَنها للزَّجر لا للجبر.

وتجب الكفارة على المُطَاوِعَةِ (٢) عندنا، ونفاها مالك والشافعي عنها. وفي قولٍ للشافعي يجب عليها، ويتحملها الزوج عنها. وله قول ثالث كمذهبنا. وتَسْقُطُ الكفارةُ اتفاقاً لَوْ طَرَأَ في يوم الإِفسادِ حَيْضٌ، أَوْ نِفَاسٌ، أَوْ مَرَضٌ مبيحٌ للفِطْر، لأَنَّ الكفَّارة إِنَّما تَجِبُ بالإِفطار في صوم مُسْتَحَقَ، واستحقاقه في يوم واحد لا يتجزّأْ ثُبُوتاً وسُقُوطاً، فَبِعُرُوضِ المرض والحيض في آخره تَمَكَّنَتْ شبهةُ انتفاء الاستحقاق في أَوَّلِهِ.

(وَقَضَى فَقَط) ـ أَي من غَيْرِ كفارة ـ (إِنْ أَفْطَرَ خَطَأً) بأَن كان ذَاكِراً للصَوْمِ غَيْرَ قَاصِدٍ للفِطْرِ. كما لو تَمَضْمَضَ فَدَخَلَ الماءُ في حلقه وإِنْ لم يُبَالِغْ، وبه قال مالك، وشَرَطَ الشافعي وجودَ المبالغة للإِفطار على الأَصح، لأَنَّه حصل من غير قَصْدِه في إِقامة فِعْلٍ وهو سُنَّةٌ فكان معذوراً كالناسي، بخلاف ما إِذا زاد على السُّنَّةِ بالمبالغة، لأَنَّه حينئذ لا يكون مقيماً قُرْبةً. وعن ابن أَبي ليلى: أَنَّه إِذا توضّأَ للمكتوبة لا يَفْسُد صومُه، وإِن توضأَ للنَّافلةِ يَفْسُدُ، لأَنه مضطرّ إِلى الأَول دون الثاني.

(أَوْ مُكْرَهاً) وبه (٣) قال مالك، وعند ( ٣) الشافعي: لا يَقْضِي فيهما لقوله تعالى: {ولَيْسَ عَلَيْكُم جُنَاحٌ فيما أَخْطَأْتُم به} (٤) ، وقوله صلى الله عليه وسلم «رُفِعَ عن أُمَّتِي: الخَطَأُ، والنسيانُ، وما استُكْرِهُوا عليه». رواه الطبراني عن ثَوْبَان، والبيهقي عن ابن عمر بلفظ: «وُضِعَ». ولنا أَنَّ المُفْطِرَ وَصَلَ إِلى جوفه فَيَفْسُدُ صَوْمُه، وهو القياس في الناسي، إِلاَّ أَنَّا تَرَكْنَاهُ لما سيأْتي، وصار كما إِذا أُكْرِه على أَنْ يَأْكُلَ بيده، وأُجِيبَ عن الآيةِ والحديثِ بأَنَّ المرادَ بهما نَفْيُ الإِثم في الآية، ورَفْعُ الإِثمِ وَوَضْعُه في الحديث.

(أَوْ يَظُنُّ) ـ بصيغة المضارع ـ أَي أَفْطَرَ ظانَّاً، وفي نسخة صحيحة: بصيغة


(١) أي كفارة الإفطار.
(٢) المُطَاوَعَة: المُوَافَقَة. مختار الصحاح، ص: ١٦٨، مادة (طوع). والمراد أن الكفارة تجب على زوجته لموافقتها.
(٣) سقط من المطبوعة.
(٤) سورة الأحزاب، الآية: (٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>