للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَو ابْتَلَعَ حَصَاةً، أَوْ تقَيَّأَ مِلأَ فيهِ، لا إِنْ غَلَبَهُ، أَو أفطَرَ نَاسِيًا،

===

(أَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةً) وكذا ما في معناها (١) ممَّا لا يُتَغذَّى به، ولا يُتَدَاوَى كالحديد لوجود صورة الفطر وهو الإِدخال من الفم إِلى الجوف دون معناه، ولو مضغ لقمة ناسياً فتذكر فابتلعها، قال أَبو الليث: إِنْ ابتلعها بعد إِخراجها فلا كفّارة عليه لأَنها شيء تعافه النفس، وإِنِ ابتلعها قبل إِخْرَاجِها فعليه الكفارة.

(أَوْ تَقَيَّأَ مِلأِ فيهِ) أَمَّا القضاءُ فلِمَا روى أَصحاب السُّنَنِ الأَربعة من حديث أَبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ ذَرَعَهُ القيءُ ـ أَي سَبَقَهُ وغَلبه ـ وهو صَائِمٌ فليس عليه القضاءُ، ومَنِ استقاءَ عَمْداً فَلْيَقْضِ». وقال الدَّارَقُطْنِيّ: رواتُه كُلُّهُم ثِقَات. وأَما عدمُ الكفارة فَلِعَدَمِ صورةِ الفِطْر. قَيَّدَ «بملأ الفم»، لأنه لو تَقَيَّأَ دونه لا يَقْضي عند أَبي يوسف لعدم الخروج حُكْماً، ويقضي عند محمد، وهو الظاهر لإِطلاقِ الحديثِ السابقِ، (لا إِنْ غَلَبَهُ) أَي لا يقضي إِنْ غَلَبَ القيء ولو أَنه ملأَ الفم.

(أَوْ أَفطَرَ نَاسِياً) أَي لا يَقْضِي إِنْ أَفْطَرَ نَاسياً بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاع، وهو قول الشافعي. وقال مالك: عليه القضاء دون الكفارة. وقال الأَوزاعي، والليث: يجب القضاء في الجِماع دون الأَكل والشُّرْب. وقال أَحمد: يجب القضاء والكفارة في الجِماع، ولا شيء في الأَكل والشرب. لنا ما رواه الشيخان وغيرهما من قوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ نَسِي وهو صَائِم فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَه، فإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وسَقَاه».

وما روى ابن حِبَّان، وابن خُزَيمَة في «صَحِيحَيْهِما» والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، من حديث أَبي هريرة، أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَفْطَرَ في رمضانَ ناسياً فلا قضاء عليه، ولا كَفَّارَة». وروى ابنُ حِبَّان في «صحيحه»، والدَّارَقُطْنِيّ في «سُنَنِه»: أَنَّ رجلاً سأَل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وقال: إِنِّي كنت صائماً فَأَكَلْتُ وشَرِبْتُ ناسياً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أَتِمَّ صَوْمَكَ فَإِنَّ اللهَ أَطْعَمَكَ وسَقَاكَ». وزاد الدَّارَقُطْنِي في لفظه: «ولا قضاء عليك»، وفي لفظ (له) (٢) : «إِذا أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِياً أَوْ شَرِبَ نَاسِياً، فإِنَّما هو رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ إِليه، فلا قضاء عليه». وقال: إِسناده صحيح.

وإِذا ثبت هذا في الأَكل والشُّرْبِ ثَبَتَ في الوِقَاع دَلالَةً، للاستواء بين الكل في قيام الصوم بالكَفِّ عن الأَكل (٣) مع أَنه (٤) دونهما (٥) في المناقضة. والنسيان يَغْلِبُ في


(١) في المطبوعة: معناه، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٢) مما بين الحاصرتين زيادة من المخطوطة.
(٣) في المطبوعة: الكل، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٤) أي الوقاع.
(٥) أي الأكل والشرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>