للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

النبيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَائِمٌ. رواه البُخَاري.

وقول عبد الرحمن بن أَبي لَيْلَى: حَدَّثَنِي رجلٌ مِنْ أَصْحَابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحِجَامَةِ والمُوَاصلة (١) ولم يُحَرِّمْهُمَا إِبقاء على أَصحابه. رواهما أَبو داود، وقال أَحمد: يُفْطِرُ الحاجِمُ والمحجوم، لقوله صلى الله عليه وسلم «أَفطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُوم»، حين أَتى على رَجُلٍ يَحْتَجِمُ في رمضانَ. رواه أَصْحَابُ السُّنَنِ وغَيْرُهُم، وهو منسوخ بما روينا. وقد بسطنا الكلام عليه في «المرقاة شرح المشكاة».

فلو ظَنَّ الصَّائِمُ أَنَّ الحِجَامَةَ مُفْطِرة فَتَعَمَّدَ الفِطْر بعدها قَضَى وكَفَّرَ، لأَنَّ الظن ما استند إِلى دليلٍ شرعي، إِلاَّ إِذا أَفتاه به فَقِيهٌ يراها مفطرة، كالحنابلة، وبعض أَهل الحديث، فحينئذ لا كفَّارة عليه، لأَن الواجب على العامي الأَخْذُ بِفَتْوى المُفْتي، فتصير الفتوى شبهة في حَقِّه وإِنْ كانت خطأً في نفسها، أَوْ سَمِعَ الحديث ولم يَعْرف تأْويلَه على المذهب، لأَنَّ قول الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكون أدنى درجةً من قول المُفْتِي، وقولُ المفتي صَلُحَ عُذْراً، فَقَوْلُ الرسول صلى الله عليه وسلم أَوْلى.

وعن أَبي يوسف إِنَّها (٢) تَجِبُ، لأَن العامي إِذا سَمِع حديثاً فليس له أَنْ يأْخذ بظاهره، لجواز أَنْ يكون مصروفاً عن ظاهره، أَوْ منسوخاً، وتجب الكفارة إِنْ عَرَف تأْويله لانتفاء الشبهة، وتأْويله أَنَّه صلى الله عليه وسلم مَرَّ بهما وهما يغتابان آخَرَ فقال صلى الله عليه وسلم ذلك (٣) ، أَي ذهب ثواب صومهما بالغِيبة. ويدل عليه أَنَّه عليه الصلاة والسلام سَوَّى بين الحَاجِمِ والمَحْجُوم، ولا خلاف أَنَّه لا يَفْسُدُ صَوْمُ الحاجم.

لا يُقَالُ: إِنَّ الأَوزاعي خَالَفَهُ فتُورثُ (٤) الشبهةَ، كخلاف مالك في النسيان، لأَن خلافه إِنَّما اعْتُبِر لموافقةِ القياس، وخلَاف الأَوزاعي مخالف للقياس فلا يُورِثُ شبهة، أَوْ إِنَّهُ (٥) منسوخ لما في البخاري، عن ابن عباس: «أَنَّه صلى الله عليه وسلم احتجم وهو مُحْرِم، واحتجم وهو صائم».


(١) أي في الصوم.
(٢) سقط من المطبوعة.
(٣) أي قال: "أفطر الحاجم والمحجوم". وقد ذكر مُلّا علي تفصيل الكلام على تأويل الحديث في "مرقاة المفاتيح" ٢/ ٥٢٣ - ٥٢٤ فانظره إذا شئت.
(٤) في المطبوعة: فتورثه، وما أثبتناه من المخطوطة، أي فتُورِث المخالفةُ الشُّبهة.
(٥) في المطبوعة: وإنه، وما أثبتناه من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>