للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ، أَوْ دَخَلَ غُبَارٌ، أَوْ دُخَانٌ، أَوْ ذُبَابٌ حَلْقَةُ.

===

وفي الدَّارَقُطْنِيّ عن أَنس قال: أَول ما كُرِهَتْ الحِجَامَةُ للصائم، أَنَّ جَعْفَرَ بنَ أَبي طالب احتجم وهو صائِمٌ، فمرّ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أَفْطَرَ هذَانِ»، ثُمَّ رَخَّصَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعْدُ في الحِجَامة للصائم. وكان أَنسُ يَحْتَجِمُ وهو صائمٌ. قال: كل رواته ثقات، ولا أَعلم له علَّة. وفي النَّسائي عن أَبي سعيد الخُدْري، أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ في القُبْلَة، ورَخَّصَ في الحِجَامة. وفيه أَيضاً عن أَبي هريرة أَنَّه قال: يُقَال: أَفْطَرَ الحاجِمُ والمَحْجُوم، وأَما أَنا فَلَوْ احتَجَمْتُ ما بَالَيْتُ.

وكذا لا يَقْضِي إِنْ أَصْبَحَ جُنُباً، لاسْتِلْزَامِ جوازِ المباشرةِ إِلى الفجر وقوعَ الغُسْلِ بعده ضرورةً، لقوله تعالى: {فالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وكُلُوا واشْرَبُوا حتى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْودِ مِنَ الفَجْرِ} (١) ، ولما في سُنَنِ أَبي داود عن عائشةَ، وأُمِّ سَلَمَةَ ـ زَوْجَي النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ أَنَّهما قالتا: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصْبِحُ جُنُباً في رَمَضَانَ مِنْ جِمَاع غَيْرِ احتلام، ثم يَصُومُ.

وفيه عن عائشةَ، أَنَّ رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وَاقِفٌ على الباب: يا رسولَ الله، إِنِّي أُصْبِحُ جُنُبَاً، وأَنا أُريد الصيامَ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «وأَنا أُصْبِحُ جُنُباً، وأَنَا أُرِيدُ الصيام، وأَغْتَسِلُ وأَصُومُ … » الحديثَ.

(أَوْ نَظَرَ فَأَنْزَلَ) لأَنَّه لم يوجد منه صورةُ الجماع ولا معناه ـ وهو الإِنزال ـ عن شهوةٍ بالمباشرة، فصار كما إِذا تَفَكَّرَ فأَمْنَى، ولو استَمْنَى بِكَفِّه، المختارُ أَنَّه يجبُ القضاء.

وهل يجوزُ هذا الفعلُ لغير الصائم؟ قالوا: إِنْ قصد قضاء الشهوة لا يجوز، لقوله تعالى: {والَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِم حَافِظُونَ إِلاَّ على أَزْوَاجِهِم أَوْ ما ملَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فإِنَّهم غَيْرُ مَلُومِين فَمَنِ ابْتَغَى ورَاءَ ذلك فأُولئك هم العَادُون} (٢) ، قال: ابن جُرَيْج سأَلت عطاء فقال: سَمِعْت بقومٍ يُحْشَرُون وأَيْدِيهم حُبَالى، فَأَظُنُّ أَنهم هؤلاء. انتهى. وإِنْ أَراد تسكينَ ما به من الشهوة لا بأْس به. انتهى. كذا في «الكافي» (٣) .

(أَوْ دَخَلَ غُبَارٌ أَوْ دُخَانٌ أَوْ ذُبَابٌ) أَوْ طَعْمُ الأَدْوِيَةِ (حَلْقَةُ) لأَنَّه لا يمكن الاحتراز عن هذه الأَشياءِ، بخلاف الثلج والمطر على الأَصح لإِمكان الاحتراز عنه بضم الفم،


(١) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).
(٢) سورة المعارج، الآيات: (٢٩ - ٣١).
(٣) وانظر لمزيد تفصيل "رد المحتار" ٢/ ١٠٠. و"حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح" ص ٤٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>