للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعِنْدَ مُحَمَّدٍ إِنْ أُعِيدَ.

وكُرِهَ الذَّوْقُ ومَضْغُ شَيءٍ، إِلَّا طعامَ صَبِيٍّ ضَرُورَةً،

===

لأَنه لا يُتَغَذَّى به.

(وعِنْدَ مُحَمَّدٍ) يُفْسِد (إِنْ أُعِيدَ) سواء كان قليلاً أَوْ كثيراً لوجود الصُّنْعِ منه في الإِدخال. وفي «المواهب»: إِنْ أَعادَه فَسَدَ اتفاقاً لوجود الإِدخال بعد الخروج فتتحقق صورةُ الفِطْر، وقد تقدَّم أَنَّ أَبا يوسفَ يشترط للفساد في تعمد القيء امتلاءَ الفمِ، واكتفى محمد بالتعمد، فلو ذرَعهُ أَقلُّ من مِلْئِهِ فعاد لم يَفْسُد اتفاقاً، لأَنه غَيْرُ خارج ولا صُنْعَ له في الإِدخال، ولو استقاء دون ملئه وأَعاده، فعن أَبي يوسف الفساد لكثرة الصنع، وعدمه لعدم الخروج حُكْماً.

(وكُرِهَ الذَّوْقُ) أَي ذَوْقُ الصَّائِمِ مَطْعُوماً لما فيه من تعريض الصوم للإِفْسَاد، لاحتمال أَنْ يَدْخُلَ في حلقه ولا يُفْطِر لعدم المُفْطِر صُورَةً ومَعْنىً. قالوا: وهذا في حَقِّ الفَرْض، وأَما في حَقِّ التطوع فلا يُكْرَه، لأَنَّ الإِفطار فيه لعذر مباح باتفاق، وبغير عذر في روايةٍ. وقال بعضهم: إِنْ كان الزوج سَيِّءَ الخُلُقِ لا بأْس للمرأَة أَنْ تذوق المَرَقة بلسانها، ويُكْرَه للصائم أَنْ يذوق العسل والدهن ليعرف الجيد من الرديء عند الشراء، كذا في قاضيخان، وفي «المحيط»: لا بأْس به كي لا يُغْبَن فيه، وهو مَرْوِيٌّ عن الحسن البَصْرِي.

(ومَضْغُ شَيءٍ) عِلْكاً كان أَوْ غَيره، (إِلاَّ طعامَ صَبِيَ ضَرُورَةً) كما إِذا لم يَكتَفِ وَلَدُ المرأَة بِلَبَنِها، ولم تجد مُفْطِراً يمضغ له طعاماً، (ولا طعاماً لا يحتاج إِلى مضغ،) (١) لأَنَّ الضرورة تبيح المحظورَ فأَولى أَنْ تبيح المَكْرُوه، ولأَنه يَجُوزُ لها الفِطر لحاجته فَجَوَازُ المضغ أَوْلى. وقيل: يُكْرَهُ مضغُ العِلْك لأَنَّ فيه تهمةَ الإِفطار، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ كان يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخر فلا يَقِفَنَّ مَواقِفَ التُّهَم» (٢) . وقال عليّ كرّم الله وجهه: «إِيَّاك وما يَسْبِقُ إِلى القلوبِ إِنْكَارُه، وإِنْ كان عندك اعتذارُه، فليس كُلُّ سامعٍ نكيرٍ يُطِيقُ أَنْ يُوسَعه عذير». إِلاَّ أَنَّه لا يُفْطر لأَنه لا يصل إِلى الجوف


(١) عبارة المطبوعة: حتى لا تحتاج إلى مضغه، وما أثبتناه من المخطوط وهو أولى، ومعناه، أي: ولم تجد طعامًا لا يحتاج إلى مضغ .....
(٢) قال الزيلعي في "الإسعاف بأحاديث الكشَّاف": قلت: غريب. اهـ. ٣/ ١٣٦، وهذا اصطلاح خاص كالزيلعي يقصد به أنه لم يجده. وقد طُبع الكتاب "الإسعاف" باسم غريب: وهو "تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في "تفسير الكشاف" مع أن الزيلعي سماه "الإسعاف" انظر "نصب الراية" ٣/ ١٩٧.
وكذلك لم يجده الحافظ ابن حجر في "الكافي الشاف" حديث (٢٠٩) ٤/ ٨٩، والحديث (٢٤٧)، ٤/ ١٣٧، المطبوع في آخر "الكشاف".

<<  <  ج: ص:  >  >>