للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقُبْلَةُ إِنْ خَافَ، لا السِّوَاكُ

===

عَيْنُه، وإِنما يصل إِليه طَعْمُه، ولا يكره للمرأَةِ إِذا لم تَكُنْ صائمةً، لِقِيَامِهِ مَقَامَ السِّوَاكِ في حَقِّها. ويكره للرجل إِذا لم يكن من عِلَّة، لما فيه من التَّشبُّه بالنِّساء.

(والقُبْلَةُ) والمَسُّ والمباشرةُ في ظاهر الرواية كُرِهَ (إِنْ خَافَ) على نفسه الجِماع، أَوْ الإِنزال، قَيَّدَ بهِ (١) لأَنه لو لم يَخَفْ فلا بأْس بها. وقال محمد: تُكْرَهُ القُبْلة مطلقاً، لأَنها لا تَخْلُو عن الفتنة، يعني إِذا كانت على طريق الشهوة. ولهما ما في الصحيحين من حديث عائشة أَنَّه صلى الله عليه وسلم كان يُقَبِّل ويُبَاشِر ـ (أي) (٢) باللَّمْسِ ـ وهو صائم. وفي رواية: «وكَانَ أَمْلَكَكُم لإِربِهِ (٣) » (٤) . وروى الدَّارَقُطْنِيّ عن أَبي سعيد الخْدِري بإِسناد جَيِّد، أَنه صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ في القُبْلَةِ والحِجَامَةِ وروى أَبو داود بإِسناد جَيِّد عن أَبي هريرة، أَنَّه صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ رَجُلٌ عن المُبَاشَرة للصائمِ فَرَخَّصَ له، وأَتاه آخرُ فَنَهَاه، فإِذا الذي رَخَّصَ له شَيْخٌ، والذي نهاه شَابٌّ.

(لا السِّوَاكُ) أَي لا يُكْرَه للصائم استعمالُ السواك سواء كان رطباً أَوْ مبلولاً قبل الزوال أَوْ بعده، وهو قول مالك، وقال الشافعي: يُكْرَهُ بَعْدَ الزوال لأَنَّ فيه إِزالةَ الخُلُوفِ المَحْمُودِ بقوله صلى الله عليه وسلم «لخُلُوفُ فَمِ الصَّائم أَطْيَبُ عند الله مِنْ ريحِ المِسْكِ» (٥) .

ولنا إِطلاقُ ما روى ابن ماجه والدَّارَقُطْنِي من حديث عائشة رَضِيَ الله عنها قالت: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «مِنْ خَيْرِ خِصَال الصائم السِّوَاكُ». وعمومُ قوله صلى الله عليه وسلم «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ على أُمَّتِي لأَمَرْتُهم بالسِّواك عند كل صلاة». إِذْ يَدْخُل في عُمومِ كُلِّ صلاة، الظُّهر والعَصْر، للصَّائمِ والمُفْطِر. وفي رواية النَّسَائِي، وصَحَّحها الحاكم، وعَلَّقَها البُخَارِيُّ عند كل وضوء، فيعم عند وضوء هذه الصلاة، وعموم قوله صلى الله عليه وسلم «صلاةٌ بسِواك أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ من سبعينَ صلاةً بِغَيْرِ سِوَاك». رواه أَحمد.

والخُلُوفُ: بِضَمِّ الخاء المعجمة على الصحيح: تَغَيُّرُ رائحة الفم من خلو المعدة، وذلك لا يزول بالسواك، ولأَنه لتطهير الفم وحال الصوم به أَحَقُّ، ولأَنه أَثر


(١) أي بالخوف.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوطة.
(٣) لإِرْبهِ: أي لِحَاجَتِهِ. فتح الباري: ٤/ ١٥١.
(٤) ما أثبتناه رواية البخاري ومسلم، أمَّا رواية المطبوعة: "وهو مَالِكٌ لأربه". ورواية المخطوطة: وهو أمْلَكُ لأربه".
(٥) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، (فتح الباري): ١٠/ ٣٦٩، كتاب اللباس (٧٧)، باب ما يذكر في المسك (٧٨)، رقم (٥٩٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>