للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

هذا والجمع بين قوله: ليلة أَوْ يوماً: أَنَّ المراد الليلة مع يومها أَوْ اليوم مع لَيْلَتِهِ (١) .

ثُمَّ اعلم أَنَّ الصوم شرط لصحة الاعتكاف الواجب رواية واحدة، ولصحة التطوع في رواية الحسن عن أَبي حنيفة، وبه قال مالك. وأَمَّا في رواية «الأَصل» وهو قول محمد، بل قيل: إِنَّه ظاهر الرواية عن العلماء الثلاثة: فَلَيْسَ بِشَرْط، لأَن مَبْنَى النفل على المساهلة، ثم اعتكاف (٢) العَشْرِ الأَخير سُنَّةٌ مُؤَكَّدة على الكفاية، للإِجماع على عدم ملامةِ بعض أَهلِ بلدٍ لم يأْتوا به إِذا أَتَى به بَعْضٌ منهم. ومما يدل على أَنها مؤكدة ما روى ابنُ ماجه عن أُبَيِّ بنِ كَعْب: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَواخِرَ من رمضانَ فَسَافَرَ عاماً، فلما كان العامُ المقبلُ اعتكفَ عِشْرِينَ يوماً. وما رُوِي (٣) : أَنه صلى الله عليه وسلم اعتكف العَشْرَ الأَوْسَطَ، فلما فرغ أَتاه جبرائيل عليه السلام وقال: إِنَّ الذي تَطْلُبُ أَمَامَك ـ يعني ليلة القدر ـ فاعتكفَ العَشْرَ الأَواخر. وعن هذا ذهب الأَكثر إِلى أَنها في العَشْرِ الآخرِ من رمضان.

وقد وَرَدَ في الصحيح: أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأَواخِر، والتَمِسُوها في كل وِتْر». والجمهور على أَنَّها ليلة السابع والعشرين. والله سبحانه أَعلم.

وفي «المحيط»: قال أَبو حنيفة: ليلة القدر في رمضان تَتَقدَّمُ وتَتَأَخَّرُ، وقال أَبو يوسف ومحمد: هي ليلة متعينة في النصف الأَخير من رمضان، فلو قال لامرأَته: أَنْتِ طالق ليلةَ القَدْرِ، فإِنْ كان عَامِّياً تَطْلُقُ ليلة (٤) السابع والعشرين من رمضان من تلك السَّنَة، لأَن العَوَام يعرفونها ليلة القدر، وإِنْ كان فقيهاً يَعْرِفُ الخِلَافَ: فإِنْ حَلَف قبل رمضان تَطْلُقُ بِمُضِيِّه ـ أَي عندهم جميعاً ـ، وإِنْ حَلَفَ في النصف الأَخير لا تَطْلُقُ عندهما حتى يجيء وقتُ حَلِفِهِ من النصف الأَخير من رمضان القابل، ولا تَطْلُقُ عند أَبي حنيفة حتى يمضي رمضانُ القابل، وعليه الفتوى. انتهى.

لهما ما روى أَبو داود من حديث ابن مسعود قال: قال لنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «اطْلُبُوها ليلةَ سَبْعَ عَشَرَةَ من رمضانَ، وليلةَ إِحْدى وعشرينَ، وليلةَ ثلاث وعشرين، ثُمَّ سَكَتَ». ولأَبي حنيفة ما رواه أَبو داود عن ابن عمر قال: سُئِل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ـ وأَنا


(١) في المطبوعة: ليله، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٢) سقط من المخطوطة.
(٣) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (فتح الباري) ٢/ ٢٩٨، كتاب الأذان (١٠)، باب السجود على الأنف … (١٣٥)، رقم (٨١٣).
(٤) سقط من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>