للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَصْمُتُ، ولا يَتَكَلَّمُ إِلَّا بِخَيْر.

ويُبْطِلُه الوَطْئُ وَلَوْ لَيْلًا، أَوْ نَاسِيًا. وَوَطْؤُهُ في غَيْرِ فَرْجٍ أَوْ قُبْلَةٌ أَوْ لَمْسٌ إِنْ أَنْزَلَ، وإِلَّا فَلا، وإِنْ حَرُمَ

===

(ولا يَصْمُتُ) أَي لا يدوم على الصمت تَعَبُّداً بهِ (١) لأَنه (٢) ليس في شريعتنا بل في شريعة غيرنا كما يشير إِليه قوله تعالى: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليومِ إِنْسِيَّاً} (٣) ، ولما روى أَبو داود عن علي رَضِيَ الله عنه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يُتْمَ بَعْدَ احتلام، ولا صِمَاتَ يومٍ إِلى الليل». وأَسْنَدَ أَبو حنيفة عن أَبي هريرة: أَنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن صَوْمِ الوِصَالِ، وعن صَوْمِ الصَّمْتِ.

فيلازم لتلاوة الحديثِ والعلمِ وتَدْرِيسهِ، وسِيَرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وسائر الأَنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأَخبار الصالحين، وكتابة أُصول الدين.

(ولا يَتَكَلَّمُ إِلاَّ بِخَيْر) لأَنَّه في عِبَادَة، فلا يَخْلِطها بغيرها، ولإِطْلَاقِ (٤) قوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللهِ واليومِ الآخر فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُت». رواه أَحمد والشيخان وغيرهم.

(ويُبْطِلُه الوَطْاءُ) سواء أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِل، لقوله تعالى: {ولا تُباشِرُوهُنَّ وأَنْتُم عَاكِفُونَ في المَسَاجِدِ} (٥) . (وَلَوْ لَيْلاً) لأَنَّ الليل مَحَلُّ الاعتكاف كالنَّهار، (أَوْ نَاسِياً) لأَن حالة الاعتكاف مُذَكِّرَةٌ كالصلاة فلا يُعْذر المُعْتَكِفُ بالنِّسْيان، بخلاف حالة الصوم، على أَنَّ الوطاء في المسجد حرام، وكذا الخروج والتوقف عنه لغير ضرورة. وقال الشافعي: لا يَفْسِدُهُ وطاءُ الناسي، وهو رواية ابن سَمَاعَة عن أَصحابنا.

(وَوَطْؤُهُ في غَيْرِ فَرْجٍ أَوْ قُبْلَةٌ أَوْ لَمْسٌ إِنْ أَنْزَلَ) لأَنَّ هذه الأَشياء مع الإِنزال في معنى الجِمَاع (وإِلاَّ) أَي وإِن لم يُنْزِل (فَلَا،) يَبْطُلُ اعتكافه لانعدام معنى الجماع، وهو أَظهر أَقوال الشافعي، وأَبْطَلَهُ مالك لظاهر الآية. ولنا اعتبارُه بالصوم، ومجازُ الآية ـ وهو الجِماعُ ـ مرادٌ فَبَطَلَ أَنْ تكون الحقيقة مُرَادةً.

(وإِنْ حَرُمَ) (٦) كلٌّ من هذه الأَشياء عليه، لأَنه من دواعي الوطاء، والوطاء


(١) في المطبوعة: بِقَيْد أنه. وما أثبتناه من المخطوطة.
(٢) سقط من المطبوعة.
(٣) سورة مريم، الآية: (٢٦).
(٤) في المطبوعة: وإطلاق، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٥) سورة البقرة، الآية: (١٨٧).
(٦) "إنْ" هنا وصلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>