لا بَلْغمًا أصلًا. وما ليس بحَدَثٍ، ليس بنَجَس. ونومُ مُتَّكىء إِلى ما لو أُزِيلَ لسَقَط،
===
أولى عند الإِمكان، حَمَلْنا ما رواه الشافعي على القليل في القيء وما لم يَسِل، وما رواه زُفَر على الكثير توفيقاً بين الأدلة.
ثم القليلُ في القيء غيرُ ناقض، وعلى هذا يَظهر ما في «المجتبى» عن الحَسَن: لو تَناول طعاماً أو ماءً ثم قاء مِنْ ساعته لا يَنتقضُ لأنه طاهرٌ حيث لم يَستحِل، وإنما اتَّصل به قليلُ القيء فلا يكون نَجِساً، وكذا الصبيُّ إذا ارتضع وقاءَ من ساعتِه، قيل: هو المختار.
(لا بَلْغماً) عطفٌ على «دَماً»، أو منصوبٌ بمحذوف، أي لا يَنْقض القيءُ إذا كان بَلْغماً (أصلاً) أي سواءٌ كان من الرأسِ أو من الجوف، لم يكن مِلء الفم أو كان مِلئه، ولم يكن مخلوطاً بطعام أو كان مخلوطاً به، والحالُ أنَّ الطعام دون مِلء الفم، وأمَّا لو كان الطعامُ مِلء الفم فإنه يَنْقُض بالاتفاق. وقال أبو يوسف: البلغمُ النازلُ من الرأس لا يَنْقُض، والصاعِدُ من الجوف إن كان مِلء الفم يَنْقُض كغيره من أنواع القيء.
(وما ليس بحَدَثٍ) كالدَّم الذي ليس بسائل والقيءِ دون مِلء الفم (ليس بنَجَس) بفتح الجيم، ليس بنجاسةٍ عند أبي يوسف وهو الصحيحُ عند صاحبِ «الهداية» وغيرهِ، وقال محمد: وهو نَجَسٌ احتياطاً، واختاره أبو جعفر الهِنْدُوَانيُّ وغيرُه. فإن قيل: دمُ الاستحاضةِ والجُرح الذي لا يَرقأ ليس بحَدَثٍ وهو نَجَسٌ؟ أُجِيبَ بأنَّا لا نُسلِّم أنه ليس بحَدَث، غايتُهُ أنه حدَثٌ، لا يَظهر أثرُه إلا بخروج الوقت.
(ونومُ مُتّكاء) أي مستندٍ (إِلى ما لو أُزِيلَ لسَقَط). واعلم أنْ النوم إِنْ كان اضطجاعاً أو اتكاءً على أحدِ الوَرِكينِ نَقَضَ، وإِن كان استناداً إلى شيء يَسْقطُ المُتَّكيءُ عند إزالتِهِ، فإن زالت المَقْعَدةُ عن الأرض نَقَض اتفاقاً، وإن لم تَزُل ذكَرَ الطَّحاويُّ والقُدُوريُّ أنه يَنْقض لحصولِ غايةِ الاسترخاء، والمرويُّ عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يَنْقض، لأنَّ استقرارَ المَقْعَدةِ على الأرض يَمنع من الخروج. وإِن كان في قيامٍ أو ركوعٍ أو سجودٍ، فإن كان في الصلاة لا يَنْقض، وكذلك إن كان خارجَها وهو على هيئتها مِنْ رفع البطن في السجود عن الفخذين وتجافي العَضُدينِ عن الجنبين. وذَكَر ابنُ شُجَاع أنه يَنْقُض خارجَ الصلاة.
وقال الشافعي: يَنْقُضُ مطلقاً، لأنه لا يُؤمَنُ الحدَثُ في هذه الهيئات، ففارقَتْ هيئةَ القعود متمكناً.
ولنا قولُه عليه الصلاة والسلام: «لا يجبُ الوضوءُ على من نام جالساً، أو قائماً، أو