للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ساجداً، حتى يضَعَ جنبيه، فإذا اضطجعَ استرخَتْ مفاصِلُه» رواه البيهقي، وروى أبو داود والترمذي عن ابن عباس: أنه رأى النبيَّ عليه الصلاة والسلام نامَ وهو ساجدٌ حتى غَطَّ أو نَفَخ، ثم قام فصلى فقلتُ: يا رسول الله إِنك نِمْتَ؟ فقال: «إنَّ الوضوءَ لا يجبُ إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجَعَ استرخَتْ مفاصِلُه». وغَطَّ النائمُ ـ بفتح الغين المعجمة وتشديد الطاء المهملة ـ إذا نَخَر (١) .

وأخرَجَ ابنُ عدي عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جَدّه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «ليس على من نام قائماً أو قاعداً وُضوءٌ حتى يَضْطَجِعَ جَنْبُه إلى الأرض»، وأخرَجَ أيضاً عن ابن عباسٍ عن حُذَيفة بن اليمان قال: كنتُ جالساً في مسجد المدينة أَخْفِقُ (٢) فاحتَضَنَني رجلٌ مِنْ خلفي، فإذا أنا بالنبيّ عليه الصلاة والسلام، فقلتُ: يا رسول الله وجَبَ عليّ وضوء؟ قال: «لا حتى تَضَع جَنْبَك على الأرض».

وهذه الأحاديثُ وإن كانت بانفرادِها لا تخلو عن ضعف، إلاَّ أنها إذا تعاضَدَتْ لم تُنْزِله عن درجةِ الحَسَن، ولم يُعارضه صريحٌ مثلُه، فيجوزُ العمَلُ به.

وقال أبو يوسف: يُنْقَضُ الوضوءُ بتعمُّدِ النوم في سجود الصلاة، وقالا: لا يُنْقَضُ به لعموم ما رَوَينا، ولقولهِ عليه الصلاة والسلام: «إذا نام العبدُ في السجود يُباهِي اللهُ ملائكتَه فيقول: انظروا إلى عبدي، رُوحُه عندي، وبدَنُه في طاعتي» (٣) . وإنما يكونُ في الطاعة أنْ لو بَقيَتْ طهارتُه، لأنه بدونها إمَّا كُفرٌ أو كبيرة.

وفي «الظهيرية»: لو نام قاعداً فسقَطَ إن انتَبَه قبل أن يَصِلَ جنبُه إلى الأرض لا يَنْقُض. وقيل: يَنقُض إذا ارتفَعَ مَقْعَدَتُهُ عن الأرض، والأوَّلُ أصحُّ. وفي «الخلاصة»: أن الأوَّلَ قولُ أبي حنيفة، والثانيَ قولُ محمد. ولو وضَعَ يدَه على الأرض ونام، أو نامَ محتبياً ورأسُهُ على ركبتيه لا يَنْقُض. ولو صلَّى المريضُ مضطجعاً، فنام فالصحيحُ أنه يَنْقُض. ولو نَعَسَ مضطجعاً إن كان نُعاسُهُ خفيفاً بحيث يَسْمعُ ما يُتحدَّثُ عنده لا يَنْقُض.

ثم النومُ وما ذُكِرَ بعده من الإِغماءِ والجنونِ: مَظِنَّاتٌ للأحداثِ أُقيمَتْ مُقامَها. والأصلُ فيها قولُه عليه الصلاة والسلام: «العَيْنانِ وِكاءُ السَّهِ، فإن نامَتْ العينانِ استَطْلَق


(١) النَّخِير: صوت الأنف. "النهاية" ٥/ ٣٢.
(٢) خَفَقَ الرجل: حرك رأسه وهو نَاعِسٌ. مختار الصحاح ص ٧٧، مادة (خفق).
(٣) هذا حديث ضعيف جدًّا كما قاله النووي في "المجموع" ٢/ ١٣. وانظر "التلخيص الحبير" ١/ ١٢٠ - ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>