للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والإغماءُ،

===

الوِكاءُ» (١) . وأمَّا إذا نام قاعداً وتمايَلَ بحيث احتُمِلَ زوالُ المَقْعَدةِ به فلا يَنْقُض، لما في «سنن أبي داود»: كان أصحابُ رسول الله عليه الصلاة والسلام ينتظرون العِشاءَ حتى تَخْفِقَ رؤسُهم ـ أي تَضطرب ـ (ثم يصلون) (٢) ولا يَتوضَّؤُون.

واعتبَرَ مالكٌ ثِقَلَ (٣) النوم حالَ الجلوس لأنه مظِنَّةُ استرخاء المفاصل غالباً، فأُدِيرَ الحُكمُ عليه بخفاءِ سببه.

ولنا إطلاقُ ما رَوَيْنا من حديثِ حذيفةَ وغيرِه. وأمَّا ما في «مسند البزَّار» بإسنادٍ صحيح «كان أصحابُ رسول الله عليه الصلاة والسلام يَنتظرون الصلاةَ فيَضعون جُنوبَهم، فمنهم من ينامُ ثم يقومُ إلى الصلاة»، فيجبُ حملُه على النُّعاس.

وقال الحَلْواني: لا ذكْرَ للنُّعاس مضطجِعاً، والظاهرُ أنه ليس بحَدَث، لأنه نومٌ قليل. أقول: بل هو مقدِّمةُ النوم، وقد قال الدَّقَّاقُ: إن كان لا يَفهَمُ عامَّةَ ما قِيلَ حوله كان حَدَثاً، وإن كان يَسْهو حرفاً أو حرفينِ فلا.

وأمَّا نومُهُ عليه الصلاة والسلام فليس بحَدَث، لأنه مِنْ خُصوصيَاتِهِ ولقوله عليه الصلاة والسلام: «تَنامُ عيناي ولا يَنَامُ قلبي» (٤) .

(والإغماءُ) وهو مرضٌ يُوجِب ضعفَ القُوَى، والمرادُ به هنا: الغَلَبةُ على العقلِ بأيّ سببٍ كان، فيَشمل السُّكْرَ وهو: خِفَّةٌ تعتري الإِنسان. والضابطُ هنا كاليَمِين (٥) ، وهو أن يكون في مَشْيهِ اختلال، وهو الأصحُّ على ما في «المجتبى». وفي «الخلاصة»: السُّكْر حدَثٌ إذا لم يَعرِف به الرجلَ من المرأة.


(١) جعل اليقظة للاسْتِ كالوكاء للقِربة، كما أن الوكاء يمنع ما في القِربة أن يخرج، كذلك اليقظة تمنع الاست أن تُحْدِث إلا باختبار. والسَّه: حَلْقَةُ الدُّبُر. النهاية ٥/ ٢٢٢.
(٢) ما بين الحاصرتين أثبتناه من المخطوطة وسنن أبي داود ١/ ١٣٧ - ١٣٨، كتاب الطهارة (١)، باب في الوضوء من النوم (٧٩)، رقم (٢٠٠).
(٣) في المطبوعة: "نقض"، والمثبت من المخطوطة، وهو الأصح، لما صرح به المالكية في كتبهم، بأن النوم إذا ثقل نقض، وإلا لا. انظر الإِكليل شرح مختصر سيدي خليل ص ٢٣.
(٤) أخرجه البخاري (فتح الباري) ٦/ ٥٧٩، كتاب المناقب (٦١)، باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه (٢٤)، رقم (٣٥٦٩).
(٥) أي ضابط السُّكْرِ الذي ينقض الوضوء هنا كضابط السُّكْرِ في اليمين، وهو أن يكون في مشيه اختلال، فلو حلف أنه ليس بسكران، يعتبر في صدق يمينه هذا الضابط. انتهى من "فتح باب العناية" ١/ ٧٤، الجزء الذي حققه الشيخ عبد الفتاح أَبو غُدَّة رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>