للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَطَافَ طَوَافَ القُدُوم.

ويُسَنُّ هذا للآفاقي، آخِذًا عَنْ يَمِينِهِ مِمَّا يَلِي البابَ ورَاءَ الحَطِيمِ

===

واتِّباعاً لِسُنَّةِ نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم

(وَطَافَ) أَي المُفْرِدُ بالحجِّ (طَوَافَ القُدُوم) ويُسمَّى طوافَ التحية، (ويُسَنُّ هذا) الطوافُ (للآفاقي) أَي غير المكي، وإِلاَّ فَسُنَّ لأَهْلِ المواقيتِ وداخِلِيها أَيضاً. وأَما المُعْتَمِر فليس عليه طواف القدوم، فيطوف طواف العمرة. وأَما القَارِن فيطوف أَولاً طوافَ العمرة، ثُم طوافَ القدوم.

وأَوَّل وقته دخولُ مكةَ، وآخِرُهُ وُقُوفُه بِعَرَفَةَ، وأَوْجَبَ مالك طوافَ القدوم وجوب السُنَنِ لا الفرائضِ، يعني أَنه يجب بتركه الدَّمُ على الآفاقي إِذا تركه والوقت متسع، كذا في «الجوهرة» (١) ، لقوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَتى البيتَ فَلْيُحَيِّهِ بالطواف».

ولنا أَنَّ الله تعالى أَمَرَ بالطواف، والأَمر المطلق لا يقتضي التكرار، وقد تعين طواف الزيارة بالإِجماع، والحديث غريب جداً، وعلى تقدير صحته ففي لفظ التحية دلالة على السنية، والسنية تنافي وجوبَ الدم. والله سبحانه أَعلم.

(آخِذاً) حال استقباله الحَجَر (عَنْ يَمِينِهِ) أَي يمين الطائف لا يمين الحجر، فقَوْلُه: (مِمَّا يَلِي البابَ) ـ أَي باب الكعبة ـ تأْكيدٌ لقوله: عن يمينه، فيصيرُ البيتُ في الطواف عن يساره ليكون الباب في أَوَّل طوافه، لقوله تعالى: {وأتُوا البيوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} (٢) ، أَوْ لأَن القلب في الجانب الأَيسر. وفي مسلم والنَّسائي عن جابر: لَمَّا قَدِم النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ بَدَأَ بالحجر، فاستلمه، ثُمَّ مضى على يمينه، فَرَمَل ثلاثاً ومَشَى أَرْبَعَاً.

(ورَاءَ الحَطِيمِ) ويُسَمَّى حظيرة إِسماعيل، وهو البُقعة التي تحت الميزَاب، عليها حاجز على هيئة نصف دائرة، بينها وبين البيت فُرجة. سُمِّي بالحطيم لأَنه حُطِّم من البيت ـ أَي كُسِر ـ وبالحِجْر لأَنه حُجِرَ منه ـ أَي مُنِع ـ. وإِنَّما يُطَافُ وراءَ الحطيم لأَنه من البيت، والمأمور هو الطواف به لا فيه، قال تعالى: {وليَطَّوَّفُوا بالبيتِ العَتِيقِ} (٣) .

وفي الصحيحين ـ واللفظ لمسلم ـ عن عائشةَ قالت: سأَلت رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الحِجْر، أَمِنَ البيتِ هو؟ قال: «نعم»، قلت: فما بالُهم لم يُدْخِلُوه في البيت؟ قال:


(١) في المطبوعة: الجواهر، وما أثبتناه من المخطوطة.
(٢) سورة البقرة، الآية: (١٨٩).
(٣) سورة الحج، الآية: (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>