للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ يَرْمُلُ في الثلاث الأُوَل

===

«إِنَّ قومكِ ـ يعني قريش ـ قصرت بهم النفقة ـ أَي المال ـ حال العِمَارة»، قلت: فما شأْنُ بابه مرتفعاً؟ قال: «فعل ذلك قَوْمُكِ ـ أَي بَنُو شيبةَ من قريش ـ لِيُدْخِلوا مَنْ شاؤوا ويمنعوا مَنْ شاؤوا، ولولا أَنَّ قومَكِ حديث عهدهم بكفر (١) ، وأَخاف أَنْ تنكر قلوبُهم، لنظرت أَنْ أَلصق الحِجْرَ بالبيت، وأَنْ أَلزق بابه بالأَرض». انتهى.

وليس الحطيم كله من البيت على الصحيح، بل مقدار ستة أَذرع منه، لحديث عائشة أَنه صلى الله عليه وسلم قال: «سِتَّةُ أَذْرُع من الحِجْرِ من البيتِ، وما زَادَ ليس من البيتِ». رواه مسلم.

ولو طَافَ من الفُرجة التي بين الحطيم والبيت، لا تُجزئه في تحقق الكمال، ولا بد من إِعادة الطواف كله ليتحققه، وإِنْ أَعاد الحطيم وحده أَجزأَه بأَن يأْخذ على يمينه خارج الحِجْرِ حتى ينتهي إِلى آخره، ثُم يدخل الحِجْر من الفرجة، ويخرج من الجانب الآخر، أَوْ لا يدخل الحِجْر ـ وهو أَفضل ـ بأَنْ يرجع ويبتداء من أَول الحجر، هكذا يفعل سبع مرات، ويَقْضِي صفته من الرَّمَل وغيره.

ولو لم يُعِد صح طوافه، ووجب عليه الدم.

وفي «سنن أَبي داود»: أَنَّ عائشة قالت: كنت أُحِبُّ أَنْ أَدخل البيت وأُصلّي فيه، فَأَخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدي فأَدخلني الحِجْر فقال: صَلِّي في الحِجْر إِذا أَردتِ دخول البيت، فإِنما هو قطعةٌ منه، فإِنَّ قومك اقتصروا حين بنوا الكعبة فأَخرجوه من البيت. وفي «المستدرك» عن ابن عباس قال: الحِجْر من البيت، لأَن رسول الله صلى الله عليه وسلم طافَ بالبيتِ من ورائه. قال تعالى: {وليَطَّوَّفُوا بالبَيْتِ العتيقِ} (٢) ، ثُم وإِنْ ثَبَت بهذا الخبر وغيره أَنه من البيت، لكن لم تجز الصلاة باستقباله وحده، لأَن فَرْضِية الاستقبال ثبتت بنص الكتاب، فلم يُكْتَف بما ثبت بالآحاد أَخْذاً بالاحتياط.

(سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ) من الحجر الأَسود إِليه نفسه شوط واحد (يَرْمُلُ) ـ بضم الميم ـ أَي يُسْرِع، ويقارب الخطوتين، ويحرِّك في مشيه الكتفين كالمبارز يتبختر بين الصفين (في الثلاث الأُوَل) ـ بضم الهمزة وتخفيف الواوـ جَمْع الأُولى مؤنث، الأُوَل ضد الأُخر. وذلك لما روى مسلم عن ابن عمر قال: رَمَلَ رسولُ الله


(١) رواية مسلم: "في الجاهلية"، ١/ ٩٧٣، كتاب الحج (١٥)، باب جدر الكعبة وبابها (٧٠)، رقم (٤٠٥ - ١٣٣٣).
(٢) سورة الحج، الآية: (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>