للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

صلى الله عليه وسلم من الحَجَر إِلى الحَجَر ثلاثاً، ومَشَى أَرْبَعاً.

ولِمَا في الصحيحين عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إِذا طَافَ بالبيتِ الطوافَ الأَوَّل خَبَّ (١) ثلاثاً، ومشى أَرْبَعَاً، وكان يسعى ببطن المسيل إِذا طاف بين الصفا والمروة. وفي حديث جابر الطويل: حتى إِذا أَتينا البيتَ معه استلم الرُّكْنَ فرَمَلَ ثلاثاً، ومشى أَرْبَعَاً. وفي لفظ عنه: قالَ: رَأَيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رَمَلَ من الحجر الأَسود حتى انتهى إِليه ثلاثاً. وقد ثبت في مُسْلم عن ابن عباس: إِنما سعى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ورَمَل بالبيتِ لِيُريَ المشركين قوّته. انتهى. وفي رواية: فأَمرهم النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَرْمُلُوا الأَشواط الثلاث، وأَنْ يمشوا ما بين الركنين، ولم يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهم أَنْ يَرْمُلوا بالأَشواطِ كُلِّها إِلاَّ الإِبقاءُ عليهم. متفق عليه.

وسببُ الرَّمَل إِظهار الجلادةِ للمشركين في عُمْرة القضاء، لقولهم: يَقْدَم غداً قومٌ قد وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فقال المشركون: هؤلاء الذين زَعَمْتُم أَنَّ الحُمَّى وهنَتْهُم أَجْلَدُ من كذا وكذا. ثُم بَقِيَ الحُكْم بعد زوال سببه كالاخفاء في صلاة الظهر والعصر الذي كان تَشْوِيشاً (٢) . وفي رواية البخاري عن عمر أَنه رَضِيَ الله عنه قال: واللهِ أَعلم أَنَّك حَجَرٌ لا تَضُرُّ ولا تنفعُ، ولولا أَني رأَيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم اسْتَلَمَكَ ما اسْتَلَمْتُكَ، ثُم قال: ما لنا وللرَّمَل، إِنَّا كُنَّا رَأَينا به المشركين وقد أَهْلَكَهُم اللَّهُ تعالى، ثُم قال: شيءٌ صَنَعَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فلا نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَه.

وفي «سُنن أَبي داود، وابن ماجه»، عن زيد بن أَسْلم، عن أَبيه قال: سمعت عمر يقول: فِيمَ الرَّمَلُ وكَشْفُ المَنَاكِب وقد أَعَزَّ اللَّهُ عز وجلّ الإِسلام ونَفَى الكفر، ومع ذلك فلا نَدَعُ شيئاً كنّا نفعله على عهد رسولِ الله صلى الله عليه وسلم انتهى. ولعل الحكمة في بقائه (٣) تُذكّر ذلك الحال والجهد على (٤) الانتقال بعون الله الملك المتعال.

ولو زَحَمَهُ الناس في الرَّمَل وَقَف قائماً إِلى أَنْ يَجِدَ فُرْجَةً، لأَنه مِنْ سُنَّةِ الطواف


(١) يَخُبُّ: أي يُسْرِع في مَشْيه. فتح الباري: ٣/ ٤٧٠.
(٢) وفي المخطوطة: لتشويش الكفرة.
(٣) وفي المخطوطة: إبقائه.
(٤) وفي المخطوطة: الحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>