للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُضْطَبعَاً،

===

ولا بُدَّ له، بخلاف استلام الحجر حيث لا يتوقف فيه عند الازدحام، لأَن الإِشارة إِليه بَدَلٌ له. وفي «شرح الطحاوي»: يمشي حتى يَجِدَ وهو الأَظهر، لأَن وقوفه مُخالفٌ للسُّنَّةِ، فما لا يُدْرَك كله لا يترك كله.

(مُضْطَبعَاً) أَي جَاعِلاً رداءه تحت إِبْطِهِ اليُمنى مُلقياً طرفه على كتفه اليُسرى، لما روى أَبو داود والمُنْذِري ـ وقال: حديث حسن ـ عن ابن عباس: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنَ الجِعْرَانَة، فَرَمَلُوا بالبيت وجعلوا أَرديَتهم تحتَ إِبَاطِهِم، ثُم قذفوها على عَوَاتِقِهِم (١) اليُسْرى. وقد نقل ذلك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أَنه طاف مُضْطَبعاً وعليه بُرْدٌ. رواه ابن ماجه، والترمذي، وصححه أَبو داود وقال: بِبُرْدٍ له أَخضر.

وينبغي أَنْ يكونَ الاضطباع قبل الشروع في الطواف بقليلٍ. ذكره ابنُ الهُمَام، يعني لا اضطباع من أَول الإِحرام كما يَفْعَلُه العوام، ولا في السَّعْي، كما صرح به في «البدائع». وكذا في «العناية شرح الهداية»، ثُم الاضطباع سُنَّةٌ في جميع أَشواط الطواف، كما ذكره ابن الضياء، «فمضطبعاً» حال من فاعل طاف، لا مِنْ ضمير يَرْمُل كما هو المتبادر من المتن. ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الطواف قراءة، بل الذكر، وهو مُتَوَارَثٌ عن السلف، والمُجْمَعُ عليه، فكانَ أَوْلى. ذكره ابن الهُمَام.

وقد يقال: إِنه صلى الله عليه وسلم لم يقرأ فيه لئلا يُتوهَّم أَنَّ القراءة فيه فرضٌ أَوْ واجبٌ كما في الصلاة خصوصاً في مذهبنا، حيث أَجازوا الطواف للمُحْدِث والجنب فلا بأْس بقراءته في نفسه، كما في «الكافي».

ويُكره رَفْعُ صوتِه به وبغيره من الأَذكار. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أَنه دعا بَيْن الركنين بقوله: {رَبَّنَا آتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنَا عذابَ النَّارِ} (٢) ». رواه أَبو داود، والنَّسائي، وابن حِبَّان، والحاكم، وابن أَبي شيبةَ عن عبد الله ابن السائب مرفوعاً. وكذلك يقول بين الرُّكن والحَجَر كما رواه ابن أَبي شيبةَ عنه. وكذا يقول في الطواف، أَي سائر أَماكنه، كما رواه الحاكم عنه أَيضاً.

وفي رواية ابن أَبي شيبةَ موقوفاً من قول ابن عمر: أَنْ يقول أَيضاً بين الركْن والمقام. وروى الحاكم مرفوعاً عن ابن عباس، وابن أَبي شيبة من قوله، أَنْ يقول في الطواف: اللهم ـ وفي رواية ـ ربِّ قَنِّعني بما رزقتني، وبارك لي فيه، واخلُف على كل


(١) العاتِق: ما بين المنكب والعُنُق المعجم الوسيط ص: ٥٨٢، مادة (عتق).
(٢) سورة البقرة، الآية: (٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>