للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكُلَّما مَرَّ بالحَجَرِ فَعَل ما ذُكِرَ. واسْتِلَامُ الرُّكْنِ اليَمَانِي حَسَنٌ.

===

غايبة لي بخير. وروى ابن أَبي شيبة عن ابن عمر أَنه كان يقول في الطواف: لا إِله إِلاَّ اللَّهُ، وَحدَهُ لا شريكَ له، له الملكُ وله الحَمْدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ.

ورَوَى ابن ماجه عن أَبي هريرة أَنه سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ طافَ بالبيتِ سَبْعاً ولا يتكلم إِلاَّ بِـ: سُبْحَانَ اللهِ، والحمدُ للَّهِ، ولا إِله إِلاَّ اللهُ، واللهُ أَكبرُ، ولا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ العَليِّ العظيم، مُحِيَتْ عنه عَشْرُ سيّئاتٍ، وكُتِبَتْ له عَشْرُ حَسَنَاتٍ ورُفِعَتْ له عَشْر درجاتٍ».

(وكُلَّما مَرَّ بالحَجَرِ) الأَسود (فَعَل ما ذُكِرَ) من الاستلام، لأَن أَشواط الطواف كَرَكْعَاتِ الصلاة، وكما يفتح كلَّ ركعةٍ بالتكبير، يفتح كلَّ شوطٍ بالاستلام، وهذا من جهة المعقول. وأَمَّا من طريق المنقول: فقد وَرَدَ في «مُسْنَد أَحمد»، والبخاري وغيره: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم طَافَ على بعيرٍ كُلَّمَا أَتى على الرُّكْنِ أَشارَ إِليه بشيءٍ في يَدِهِ وكَبَّرَ.

قال ابنُ الهُمَام: لم يذكر صاحبُ «الهداية» ولا كثيرٌ (١) رفعَ اليدين في كل تكبير يستقبل به في كل مبدأ شَوْط، فإِن لاحظنا ما رواه من قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تُرْفَع الأَيدي إِلاَّ في سَبْعِ مَوَاطِنَ» (٢) ينبغي أَنْ تُرْفَع في كل تكبير للعموم في استلام الحجر، وإِنْ لاحظنا عَدَمَ صِحَّةِ هذا اللفظ فيه وعدم تحسينه، بل القياس المتقدم، لم يُفِد ذلك، إِذْ لا رَفْعَ مع ما به الافتتاح فيها إِلاَّلاً الأَول. واعتقادي أَنَّ هذا هو الصواب، ولم أَرَ عنه صلى الله عليه وسلم خِلَافَه. انتهى (٣) . والأَظهر أَنْ يَرفع تارةً ولا يَرفع أُخرى، عملاً بالوجهين (وَفْقَ الدَّلِيلَيْن) (٤) .

(واسْتِلَامُ الرُّكْنِ اليَمَانِي) ـ بتخفيف الياء على الصحيح، لأَنه نِسْبةٌ إِلى اليمن فأَبدل إِحدى يائي النِّسبة أَلِفاً، فلو قيل بالتشديد لزم الجمع بين البدل والمُبْدَل منه، ومَنْ شَدَّدَها قال الأَلف فيها زائدة. ذكره الكِرْماني في «شرح البخاري». (حَسَنٌ) مِنْ غير تقبيلٍ في قول أَبي حنيفةَ وأَبي يوسف لما رواه مسلم وأَبو داود عن ابن عمر أَنه قال: ما تَرَكْتُ استلامَ هذين الرُّكْنَين: الرُّكْنِ اليماني، والحَجَرِ الأَسودِ، مُنْذُ رأَيْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَسْتَلِمُهُما.


(١) أي: ولم يَذْكُر كثيرٌ من الفقهاء رفع اليدين …
(٢) تقدم تخرجه ص ٢٨٣.
(٣) "فتح القدير" ٢/ ٣٥٨، ٣٥٩.
(٤) وفي المطبوعة: وفرقًا للدليلين، وما أثبتناه من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>