للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وخَتم الطَّوَافَ باسْتِلَامِ الحَجَرِ، ثمَّ صَلَّى شَفْعَاً، يَجِبُ بَعْدَ كُلِّ طَوَافٍ

===

وقال محمد: السُّنَّةُ أَنْ يفعلَ فيه كما يفعلُ بالحجر الأَسود. كذا ذكره الشارح. وقال صاحبُ «المواهب»: حسنٌ في ظاهر الرواية عن أَبي حنيفة. وقالا: هو سُنَّةٌ، ومما يدل على قول محمد ما رَوَى ابن عباس أَنَّه صلى الله عليه وسلم كان يُقَبِّلُ الرُّكْنَ اليماني ويضع يده عليه. رواه الدارقطني. وعن ابن عباس أَنَّه صلى الله عليه وسلم إِذا استلم الرُّكْنَ اليماني قبَّله. رواه البخاري في «تاريخه».

وأمّا الركن العِراقي والشامي فلا يُستلمان في المذاهب الأَربعة، لمَا روى الجماعةُ إِلاَّ الترمذيَّ عن ابن عمر قال: لم أَرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ من البيت إِلاَّ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَيْن. وفي لفظٍ لمسلم: كان لا يستلمُ إِلاَّ الحَجَرَ والرُّكْنَ اليَمَانِي. وعن ابن عباس قال: لم أَرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يستلم غير الركنين اليمانيين (١) ، ولأَن الرُّكن العراقي والشامي ليسا بِرُكْنَيْنِ حقيقةً، وإِنَّما هما من وسط البيت، لأَن بعض الحَطيم من البيت اتفاقاً.

(وَخَتَم الطَّوَافَ باسْتِلَامِ الحَجَرِ) ليكونَ ختامَهُ مِسْكٌ، والإِيماء إِلى قوله تعالى: {كما بدأكم تعودون} (٢) (ثِمَّ صَلَّى شَفْعَاً، يَجِبُ) (٣) عندنا وعند مالك (بَعْدَ كُلِّ طَوَافٍ) فرضاً أَوْ نَفْلاً، وقول ـ شذوذ مِنَّا ـ ينبغي أَنْ يكون واجباً عقيب الطواف الواجب (لا غير) (٤) ، ليس بشيءٍ لإِطلاق الأَدلة (منها الآية الآتية، ومنها ما رَوى البخاري عن الزُّهري:) ( ٤) فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يَطُف قَطُّ أُسبوعاً (٥) إِلاَّ صلَّى ركعتين. ومنها قول ابن عمر: سَنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِكُلِّ أُسبوعٍ ركعتين. رواه أَبو القاسم تَمَّامُ بن محمد الرَّازِي في «فوائده».

ومنها قول الحسن البصري: مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ مع كل أُسبُوعٍ ركعتين، لا يجزاءُ عنهما تَطوُّعٌ ولا فريضةٌ. رواه ابن أَبي شيبةَ في «مُصَنَّفِهِ». وأَمَّا قول صاحب «الهداية»: لنا قَوْلُه صلى الله عليه وسلم «وليصلِّ الطائفُ لِكُلِّ أُسبوعٍ ركعتين»، فلم يُعْرَفْ هذا الحديثُ كما قال ابن الهُمَام وغيره.


(١) سقط من المطبوعة.
(٢) سورة الأَعراف، الآية: (٢٩).
(٣) أي هذا الشفع.
(٤) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوعة.
(٥) طافَ بالبيت أُسبوعًا أي سَبْعَ مَرَّات. مختار الصحاح ص: ٢٨٣، مادة (سبع).

<<  <  ج: ص:  >  >>