للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصَلَّى العِشَاءَيْنِ في وَقْتِ العِشَاءِ بأَذَانٍ وإِقَامَةٍ

===

وادفعوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّر». رواه البخاري. والأَفضل أَنْ يَنْزِل بِقُرْب قُزَح، لأَنه مَوْقِفُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو المعروف بالمَشْعَرِ الحَرَام، لما رُوِي أَنه صلى الله عليه وسلم لما أَصْبَحَ وقَفَ على قُزَح. رواه أَبو داود. وقُزَح: اسم جبل بالمزدلفة. ولا ينزل على الطريق كيلا يَتَضَرَّرَ، ولا يَضُرُّ بالمَّارةِ.

(وصَلَّى العِشَاءَيْنِ) أَي المغرب والعشاء (في وَقْتِ العِشَاءِ بأَذَانٍ) واحدٍ اتفاقاً (وإِقَامَةٍ) واحدةٍ عندنا، إِلاَّ إِذا فَصَل بينهما: بصلاةٍ كان أَوْ بغيرها. وقال زُفر: بإِقامَتين مُطْلقاً. واختاره الطحاوي، وهو قول مالك والشافعيِّ، لما في الصحيحين عن أُسَامَة بنِ زَيْدٍ قال: دَفَعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ عرفَةَ حتى إِذا كان بالشِّعْبِ نَزَل فبال فتوضَّأَ ولم يُسْبِغِ الوضوء، قلت: الصلاة يا رسولَ الله، قال صلى الله عليه وسلم «الصلاةُ أَمامك» ـ أَي مكاناً أَوْ زَماناً ـ فركب فلما جاءَ المُزْدَلِفَةَ نَزَل فتوضأَ فأَسبغَ الوضوء، ثُم أُقيمت الصلاةُ فصلَّى المغرب، ثُم أَناخ كلُّ إِنسانٍ بَعِيرَهُ في منزله، ثُم أُقيمتِ الصلاة فَصَلاَّها ولم يُصَلِّ بينهما شَيئاً. وفي رواية: فلما جاء المزدلفة فصلى بها والمَغْرِبَ والعِشَاءَ بأَذانٍ واحدٍ وإِقامتين ولم يُسَبِّح بينهما شيئاً … الحديثَ.

وفي البخاري عن ابن عمر قال: جَمَعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ المَغْرِب والعِشَاءِ بِجَمْعٍ (١) ، كل واحدة منهما بإِقامةٍ ولم يُسَبِّح بينهما، ولا على إِثْرِ واحدةٍ (٢) منهما. ولنا ما في مسلم وأَبي داود عن سَعِيد بن جُبَير قال: أَفَضْنَا مَعَ ابن عمر فلما بلغنا جَمْعاً صلَّى بِنَا المَغْرِبَ ثلاثاً، والعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ بإِقامةٍ واحدةٍ، فلما انْصَرَفَ قال ابن عمر: هكذا صَلَّى بِنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكانِ. وجعل بعضُ الرواة مكانَ ابنِ عُمَرَ ابنَ عبَّاسٍ. كما أَخرجه أَبو الشيخ الأَصبهاني عن ابن عباس أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى المَغْرِبَ والعِشَاءَ بإِقامةٍ واحدةٍ.

وفي «سُنَنِ أَبي داود» عن أَشْعَثَ بن سُلَيْم عن أَبيه قال: أَقْبَلْتُ مع ابنِ عُمَرَ مِنْ عرفاتٍ إِلى المُزْدَلِفَة، فلم يكن يَفْتُرُ عن التكبير والتهليلِ حتى أَتَيْنَا المزدلفة، فأَذَّنَ وأَقام أَوْ أَمَرَ إِنْسانَاً فأَذَّنَ وأَقَامَ، فَصَلَّى بِنَا المَغْرِبَ ثَلَاثَ ركعاتٍ، ثم التَفَتَ إِلَيْنَا فقال: الصلاةَ، فَصَلَّى بِنا العِشَاءَ.


(١) جَمْع: المُزْدَلِفة، وليلةُ جَمْع هي ليلةُ مزدلفة، لأن الناس يجتمعون فيها. معجم لغة الفقهاء. ص: ١٦٦.
(٢) أي عَقِبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>